و ليعلم: أنّ السرّ في قبال العلن، كما أنّ الغيب في قبال الشهادة، و هو على قسمين:
أحدهما: هو السرّ البحت، كالغيب المطلق.
و ثانيهما: هو السرّ المقيّد و المقيس، كالغيب المضاف، كما أنّ العلن كالشهادة على قسمين: مطلق و مقيّد مقيس.
و لمّا كان معنى السرّ المقابل للعلن واضحا بحسب المفهوم لم يحتج الى التفسير و إن كان بحسب الكنه في غاية الخفاء، و إذا أحرز وجوده ينتظم البحث الصناعيّ- حينئذ- من أنّ السرّ ما هو؟ و أنّه هل هو؟ و أنّه كم هو؟ و ما دام لم يثبت وجوده لا يصحّ تقسيمه، كما لا يصحّ ترتيب سائر ما يتفرّع على وجوده.
و الذي يدلّ على وجود السّر للصلاة أمران:
الأوّل: ما يعمّها و ما عداها بلا اختصاص لشيء من ذلك.
و الثاني: ما يختصّ بها، أو يختصّ بالأمر العباديّ، سواء كان صلاة أو غيرها.
ثمّ الذي يدلّ على وجود السرّ لكلّ شيء: إمّا عقليّ مشفوع بالنقليّ، و إمّا نقليّ مؤيّد بالعقليّ.
فالبحث في مقامين:
المقام الأوّل: في الدليل العقليّ.
و المقام الثاني: في الدليل النقليّ.
أمّا المقام الأوّل ففي الدليل العقليّ المشفوع بالدليل النقليّ
فهو: أنّ لكلّ شيء موجود في العالم الطبيعيّ له وجودات أخر في العوالم الثلاثة السابقة عليه: من عالم المثال، و عالم العقل، و عالم الإله، يعني: أنّ لكلّ شيء طبيعيّ وجودا مثاليّا يشاهد بصورته المثالية، و وجودا عقليّا ينال بحقيقته، و وجودا إلهيّا، إذ الإله هو بسيط الحقيقة، و هو كلّ الأشياء، و ليس بشيء منها، و لا ينال