نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 3 صفحه : 66
باب هجرة من هاجر من أصحاب رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم)، من مكة إلى أرض الحبشة، فرارا بدينهم من الفتنة
قد تقدم ذكر أذية المشركين للمستضعفين من المؤمنين، و ما كانوا يعاملونهم به من الضرب الشديد. و الإهانة البالغة. و كان اللَّه عز و جل قد حجرهم عن رسوله (صلّى اللَّه عليه و سلّم)، و منعه بعمه أبى طالب، كما تقدم تفصيله و للَّه الحمد و المنة. و روى الواقدي أن خروجهم اليها في رجب سنة خمس من البعثة، و أن أول من هاجر منهم أحد عشر رجلا و أربع نسوة، و أنهم انتهوا إلى البحر ما بين ماش و راكب فاستأجروا سفينة بنصف دينار الى الحبشة، و هم عثمان بن عفان، و امرأته رقية بنت رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) و أبو حذيفة بن عتبة، و أبو سلمة بن عبد الأسد، و امرأته أم سلمة بنت أبى أمية، و عثمان بن مظعون، و عامر بن ربيعة المنزى، و امرأته ليلى بنت أبى حثمة، و أبو سبرة بن أبى رهم، و [يقال بل أبو] حاطب بن عمرو [1]، و سهيل بن بيضاء، و عبد اللَّه بن مسعود، رضى اللَّه عنهم أجمعين. قال ابن جرير و قال آخرون بل كانوا اثنين و ثمانين رجلا، سوى نسائهم و أبنائهم، و عمار بن ياسر، نشك.
فان كان فيهم فقد كانوا ثلاثة و ثمانين رجلا.
و قال محمد بن إسحاق: فلما رأى رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) ما يصيب أصحابه من البلاء، و ما هو فيه من العافية، بمكانه من اللَّه عز و جل، و من عمه أبى طالب، و أنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هو فيه من البلاء. قال لهم: «لو خرجتم إلى أرض الحبشة؟ فان بها ملكا لا يظلم عنده أحد، و هي أرض صدق- حتى يجعل اللَّه لكم فرجا مما أنتم فيه»
فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) الى أرض الحبشة مخافة الفتنة، و فرارا الى اللَّه بدينهم. فكانت أول هجرة كانت في الإسلام فكان أول من خرج من المسلمين عثمان بن عفان، و زوجته رقية بنت رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم). و كذا
روى البيهقي من حديث يعقوب بن سفيان عن عباس العنبري عن بشر بن موسى [2] عن الحسن ابن زياد البرجمي حدثنا قتادة. قال: أول من هاجر الى اللَّه تعالى بأهله عثمان بن عفان رضى اللَّه عنه سمعت النضر بن أنس يقول سمعت أبا حمزة- يعنى أنس بن مالك- يقول: خرج عثمان بن عفان و معه امرأته رقية بنت رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) الى أرض الحبشة، فأبطأ على رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) خبرهما فقدمت امرأة من قريش فقالت: يا محمد قد رأيت ختنك و معه امرأته. قال: «على أي حال رأيتهما؟»