و خالف النّفس و الشّيطان و اعصهما * * * و إن هما محّضاك النّصح فاتّهم
و لا تطع منهما خصما و لا حكما * * * فأنت تعرف كيد الخصم و الحكم
أستغفر اللّه من قول بلا عمل * * * لقد نسبت به نسلا لذي عقم
أمرتك الخير لكن ما ائتمرت به * * * و ما استقمت فما قولي لك استقم
و لا تزوّدت قبل الموت نافلة * * * و لم أصلّ سوى فرض و لم أصم
في مدح النبيّ صلى اللّه عليه و سلم
ظلمت سنّة من أحيى الظّلام إلى * * * أن اشتكت قدماه الضّرّ من ورم
و شدّ من سغب أحشاءه و طوى * * * تحت الحجارة كشحا مترف الأدم
و راودته الجبال الشّمّ من ذهب * * * عن نفسه فأراها أيّما شمم
و أكّدت زهده فيها ضرورته * * * إنّ الضّرورة لا تعدو على العصم
و كيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من * * * لولاه لم تخرج الدّنيا من العدم
محمّد سيّد الكونين و الثّقلي * * * ن و الفريقين من عرب و من عجم
نبيّنا الامر النّاهي فلا أحد * * * أبرّ في قول لا منه و لا نعم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته * * * لكلّ هول من الأهوال مقتحم
دعا إلى اللّه فالمستمسكون به * * * مستمسكون بحبل غير منفصم
فاق النّبيّين في خلق و في خلق * * * و لم يدانوه في علم و لا كرم
و كلّهم من رسول اللّه ملتمس * * * غرفا من البحر أو رشفا من الدّيم
و واقفون لديه عند حدّهم * * * من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
فهو الذي تمّ معناه و صورته * * * ثم اصطفاه حبيبا بارئ النّسم
منزّه عن شريك في محاسنه * * * فجوهر الحسن فيه غير منقسم
دع ما ادّعته النّصارى في نبيّهم * * * و احكم بما شئت مدحا فيه و احتكم
و انسب إلى ذاته ما شئت من شرف * * * و انسب إلى قدره ما شئت من عظم
فإنّ فضل رسول اللّه ليس له * * * حدّ فيعرب عنه ناطق بفم
لو ناسبت قدره آياته عظما * * * أحيى اسمه حين يدعى دارس الرّمم
لم يمتحنّا بما تعيى العقول به * * * حرصا علينا فلم نرتب و لم نهم
أعيى الورى فهم معناه فليس يرى * * * للقرب و البعد فيه غير منفحم
كالشمس تظهر للعينين من بعد * * * صغيرة و تكلّ الطّرف من أمم