و منه يعلم وجوب الخمس في الكفّارات و الصدقة في المظالم و اللقطة فكيف بالصدقة المندوبة (2).
أخذ الحقّ و لو لم يكن كلّيّ الفقير مالكا بل كان المصرف مالكا كما مرّ تحقيقه في آية الخمس، و هو في دليل الزكاة أوضح، لوجود العاملين و الرقاب و سبيل اللّه فيها، و لا يصلح أن تكون الملكيّة في هذه المصارف على نحو الكلّيّ، فإنّ العامل لا يملك إلّا بالاستيجار، و لا يملك مالك الرقاب إلّا بالشراء، و سبيل اللّه ليس مالكا في العرف بل لا بدّ أن يصرف فيه، و مالكيّة الكلّيّ متوقّفة على القابليّة للانطباق عليه بعنوان الزكاة.
لكن قد عرفت ما فيه من أنّ صدق الغنيمة في السابق و لو بواسطة الحقّ لا ينافي صدق الغنيمة بقاء حين الانتقال إلى الفقير، فالظاهر لزوم الخمس عليه، و اللّه العالم.
لما تقدّم في التعليق السابق من صدق الغنيمة بقاء، لا من باب أخذ حقّه السابق، و هو كاف في الموضوعيّة للخمس.
أمّا الصدقة المندوبة فإنّها غنيمة من ابتداء الأخذ و لا تجري فيها الشبهة المتقدّمة، و هي أولى من الهبة من حيث إنّها جائزة يمكن أن يقال: إنّها ليست بفائدة مستقرّة بخلاف الصدقة الّتي يكون لزومها معلوما، مضافا إلى دلالة المكاتبة على وجوب الخمس بالنسبة إلى المال الذي يؤخذ و لا يعرف له صاحب مع أنّ أكثر أفراده يكون الأخذ من باب الصدقة- فتأمّل- فإذا دلّت على وجوب الخمس بالنسبة إلى الصدقة الواجبة الّتي لا تكون ملكا للمصرف كالمال المجهول مالكه فالصدقة المندوبة مورد للخمس بالأولويّة.
و من ذلك كلّه ظهر حكم الصدقة المجهول مالكها.
و أمّا الكفّارات فبناء على الوجوب التكليفيّ الصرف تكون بمنزلة الصدقة في ردّ المظالم، و بناء على ملكيّة الفقراء أو المصرف فتكون كالزكاة، و قد تقدّم أنّ