وسما ، وكاد يمزّق بمزاحمته أثواب السما ، قد ارتدى جلابيب السحائب ، ولاث عمائم الغمائم [١] ، وابتسمت ثنايا شرفاته ، واتسمت بالحسن حنايا غرفاته ، وأشرف على سائر نواحي الدنيا وأقطارها ، وحبته الرياض بما ائتمنتها عليه السّحب من ودائع أمطارها ، والرمل بفنائه قد نثر تبره في زبرجد كرومه [٢] ، والجوّ قد بعث بذخائر الطيب لطيمة نسيمه ، والنخل قد أظهرت جواهرها ، ونشرت غدائرها ، والطّلّ ينثر لؤلؤه في مسارب النسيم ومساحبه ، والبحر يرعد غيظا من عبث الرياح به ، فسأله بعض الحضور أن يصف ذلك الموضع الذي تمّت محاسنه ، وغبط به ساكنه ، فجاشت لذلك لجج بحره ، وألقت إليه جواهره لترصيع لبّة ذلك القصر ونحره ، فقال : [الوافر]
ثم قال ابن ظافر : وأخبرني الفقيه أبو الحسن علي بن الطوسي المعروف بابن السيوري الإسكندري النحوي بما هذا معناه ، قال : كنت مع الأعز بن قلاقس في جماعة ، فمرّ بنا أبو الفضائل بن فتوح المعروف بالمصري ، وهو راجع من المكتب ، ومعه دواته ، وهو في تلك الأيام قرّة العين ظرفا وجمالا ، وراحة القلب قربا ووصالا ، كلّ عين إلى وجهه محدّقة ، ولمشهد خدّيه بخلوق الخجل مخلّقة ، فاقترحنا عليه أن يتغزّل فيه ، فصنع بديها : [مجزوء الكامل]