responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 83

وسما ، وكاد يمزّق بمزاحمته أثواب السما ، قد ارتدى جلابيب السحائب ، ولاث عمائم الغمائم [١] ، وابتسمت ثنايا شرفاته ، واتسمت بالحسن حنايا غرفاته ، وأشرف على سائر نواحي الدنيا وأقطارها ، وحبته الرياض بما ائتمنتها عليه السّحب من ودائع أمطارها ، والرمل بفنائه قد نثر تبره في زبرجد كرومه [٢] ، والجوّ قد بعث بذخائر الطيب لطيمة نسيمه ، والنخل قد أظهرت جواهرها ، ونشرت غدائرها ، والطّلّ ينثر لؤلؤه في مسارب النسيم ومساحبه ، والبحر يرعد غيظا من عبث الرياح به ، فسأله بعض الحضور أن يصف ذلك الموضع الذي تمّت محاسنه ، وغبط به ساكنه ، فجاشت لذلك لجج بحره ، وألقت إليه جواهره لترصيع لبّة ذلك القصر ونحره ، فقال : [الوافر]

قصر بمدرجة النسيم تحدّثت

فيه الرياض بسرّها المستور

خفض الخورنق والسّدير سموّه

وثنى قصور الروم ذات قصور [٣]

لاث الغمام عمامة مسكيّة

وأقام في أرض من الكافور

غنّى الربيع به محاسن وصفه

فافترّ عن نور يروق ونور

فالدّوح يسحب حلّة من سندس

تزهى بلؤلؤ طلّها المنثور

والنخل كالغيد الحسان تقرّطت

بسبائك المنظوم والمنثور [٤]

والرمل في حبك النسيم كأنما

أبدى غصون سوالف المذعور

والبحر يرعد متنه فكأنّه

درع تشنّ بمعطفي مقرور

وكأننا والقصر يجمع شملنا

في الأفق بين كواكب وبدور

وكذاك دهر بني خليف لم يزل

يثني المعاطف في حبير حبور

ثم قال ابن ظافر : وأخبرني الفقيه أبو الحسن علي بن الطوسي المعروف بابن السيوري الإسكندري النحوي بما هذا معناه ، قال : كنت مع الأعز بن قلاقس في جماعة ، فمرّ بنا أبو الفضائل بن فتوح المعروف بالمصري ، وهو راجع من المكتب ، ومعه دواته ، وهو في تلك الأيام قرّة العين ظرفا وجمالا ، وراحة القلب قربا ووصالا ، كلّ عين إلى وجهه محدّقة ، ولمشهد خدّيه بخلوق الخجل مخلّقة ، فاقترحنا عليه أن يتغزّل فيه ، فصنع بديها : [مجزوء الكامل]


[١] لاث العمامة على رأسه : لفها ، عصبها.

[٢] في ه «نثر تبره وزبرجد كرومه».

[٣] قصور الروم : جمع قصر ، وذات قصور : أي ذات تقصير عنه.

[٤] تقرّطت : وضعت القرط ، وهو الحلي الذي يوضع في الأذنين.

نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست