فاعتذرت للخراساني ، وقلت له : قد والله كبرت في عيني بقدر ما صغرت نفسي عندي ، حين لم أفهم نبل مقصدك ، فالحمد لله الذي أطلع من المغرب هذه الشموس ، وجعلها بين جميع أهله بمنزلة الرءوس ، وصلّى الله على سيدنا محمد نبيّه المختار من صفوة العرب ، وعلى آله وصحبه ، صلاة متّصلة إلى غابر الحقب [١].
كملت رسالة الشّقندي. وهو أبو الوليد إسماعيل بن محمد ، وشقندة المنسوب إليها : قرية مطلّة على نهر قرطبة مجاورة لها من جهة الجنوب.
قال ابن سعيد [٢] : وهو ممّن كان بينه وبين والدي صحبة أكيدة ، ومجالسات أنس عديدة ، ومزاورات تتّصل ، ومحاورات لا تكاد تنفصل ، وانتفعت بمجالسته ، وله رسالة في تفضيل الأندلس يعارض بها أبا يحيى في تفضيل برّ العدوة ، أورد فيها من المحاسن ما يشهد له بلطافة المنزع ، وعذوبة المشرع ، وكان جامعا لفنون من العلوم الحديثة والقديمة ، وعني بمجلس المنصور ، فكانت له فيه مشاهد غير ذميمة. وولي قضاء بياسة [٣] وقضاء لورقة ، ولم يزل محفوظ الجانب [٤] ، محمود المذاهب ، سمعته ينشد والدي قصيدة في المنصور وقد نهض للقاء العدوّ ، منها : [البسيط]
[٣] بياسة : بالأندلس ، بينها وبين جيان عشرون ميلا ، وبياسة على كدية من تراب ، مطلة على النهر الكبير المنحدر إلى قرطبة ، وهي مدينة ذات أسوار ومتاجر ، وحولها زراعات (انظر صفة جزيرة الأندلس ص ٥٧).