responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 53

وقد أشرف على الموت : اسأل ربّك المغفرة ، فرفع يديه وقال : يا ربّ ، أسألك من جميع ما في الجنّة خمر مالقة وزبيبيّ إشبيلية ، وفيها تنسج الحلل الموشيّة التي تجاوز أثمانها الآلاف ذات الصور العجيبة المنتخبة برسم الخلفاء فمن دونهم ، وساحلها محطّ تجارة لمراكب المسلمين والنصارى.

وأما المريّة فإنها البلد المشهور الذكر ، العظيم القدر ، الذي خصّ أهله باعتدال المزاج ، ورونق الديباج ، ورقّة البشرة ، وحسن الوجوه والأخلاق ، وكرم المعاشرة والصحبة. وساحلها أنظف السواحل وأشرحها وأملحها منظرا ، وفيها الحصا الملوّن العجيب الذي يجعله رؤساء مراكش في البراريد ، والرخام الصقيل الملوكي ، وواديها المعروف بوادي بجانة من أفرج الأودية ، ضفّتاه بالرياض كالعذارين حول الثغر ، فحق أن ينشد فيها : [الكامل]

أرض وطئت الدّرّ رضراضا بها

والتّرب مسكا والرياض جنانا [١]

وفيها كان ابن ميمون القائد الذي قهر النصارى في البحر ، وقطع سفرهم فيه ، وضرب على بلاد الرمانية ، فقتل وسبى ، وملأ صدور أهلها رعبا ، حتى كان منه كما قال أشجع [٢] : [الكامل]

فإذا تنبّه رعته وإذا غفا

سلّت عليه سيوفك الأحلام

وبها كان محطّ مراكب النصارى ، ومجتمع ديوانهم ، ومنها كانت تسفّر لسائر البلاد بضائعهم ، ومنها كانوا يوسقون جميع البضائع التي تصلح لهم ، وقصد بضبط ذلك بها حصر ما يجتمع في أعشارهم ، ولم يوجد لهذا الشأن مثلها ، لكونها [٣] متوسطة ومتسعة قائمة بالوارد والصادر ، وهي أيضا مصنع للحلل الموشية النفيسة.

وأما مرسية فإنها حاضرة شرق الأندلس ، ولأهلها من الصّرامة والإباء ما هو معروف مشهور ، وواديها قسيم وادي إشبيلية ، كلاهما ينبع من شقورة وعليه من البساتين المتهدبة الأغصان ، والنواعير المطربة الألحان ، والأطيار المغرّدة ، والأزهار المتنضدة ، ما قد سمعت ، وهي من أكثر البلاد فواكه وريحانا ، وأهلها أكثر الناس راحات وفرجا لكون خارجها معينا على ذلك بحسن منظره ، وهي بلدة تجهز منها العروس التي تنتخب شورتها لا تفتقر في شيء من ذلك إلى سواها. وهي للمرية ومالقة في صنعة الوشي ثالثة ، وقد اختصّت بالبسط التنتلية التي


[١] الرضراض : الحصى الرقاق في مجاري الماء.

[٢] هو أشجع السلمي.

[٣] كذا في أ، ب ، ج. وفي ه «لكونها موسطة».

نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست