نهكته [١] ، وبعدت عنه الإفاقة حتى أهلكته ، وقد أثبتّ من محاسنه ما يعجبك سرده ، ولا يمكنك نقده ، فمن ذلك قوله : [البسيط]
شطّت نواهم بشمس في هوادجهم
لو لا تلألؤها في ليلهنّ عشوا [٢]
شكت محاسنها عيني وقد غدرت
لأنها بضمير القلب تنخمش [٣]
شعر ووجه تبارى في اختلافهما
بحسن هذا وذاك الروم والحبش
شككت في سقمي منها أفي فرشي
منها تنكست وإلّا الطيف والفرش [٤]
إلى أن قال : وكان كلفا بفتى نصراني استسهل لباس زنّاره ، والخلود معه في ناره وخلع بروده لمسوحه ، وتسوغ الأخذ عن مسيحه [٥] ، وراح في بيعته ، وغدا من شيعته ، ولم يشرب نصيبه ، حتى حطّ عليه صليبه ، فقال : [الوافر]
أدرها مثل ريقك ثم صلّب
كعادتهم على وهمي وكاسي [٦]
فيقضي ما أمرت به اجتلابا
لمسروري وزاد خضوع راسي
وله في مثله : [مجزوء الكامل]
ورأيت فوق النّحر در
عا فاقعا من زعفران
فزجرته لونا سقا
مي بالنوى والزّجر شاني
يا من نأى عنّي كما
تنأى العيون الفرقدان
فأرى بعيني الفرقدي
ن ولا أراه ولا يراني
لا قدّرت لك أوبة
حتى يؤوب القارظان [٧]
هل ثم إلّا الموت فر
دا لا تكون منيّتان
وله أيضا : [الخفيف]
[١] الفاقة : الفقر والحاجة.
[٢] شطت : بعدت. وعشوا : أصيبوا بالعشي ، وهو ضعف في البصر لا يرى المصاب به ليلا.
[٣] في ب : «تنجمش».
[٤] في ب : «منها نكست».
[٥] في أ : «وتشرع في صبيحه».
[٦] في ه : «كعادتهم على وجهي وكاسي».
[٧] الأوبة : الرجوع.