وقال ابن مرج الكحل : اجتمعنا في حانوت بعض الأطباء بإشبيلية فأضجرناه بكثرة جلوسنا عنده ، وتعذّرت المنفعة عليه من أجلنا ، فأنشدنا : [مجزوء الرمل]
خفّفوا عنّا قليلا
ربّ ضيق في براح
هل شكوتم من سقام
أو جلسنا للصحاح؟
فأضفت إليهما ثالثا ، وأنشدته إياه على سبيل المداعبة [١] : [مجزوء الرمل]
إن أتيتم ففرادى
ذاك حكم المستراح
ودخل أبو محمد غانم بن وليد مجلس باديس بن حبوس ، فوسّع له على ضيق كان فيه ، فقال : [البسيط]
صيّر فؤادك للمحبوب منزلة
سمّ الخياط مجال للمحبّين
ولا تسامح بغيضا في معاشرة
فقلّما تسع الدنيا بغيضين
ودخل على أبي جعفر اللمائي [٢] بعض أصحابه عائدا في علّته التي مات فيها ، وجعل يروّح عليه بمروحة ، فقال أبو جعفر على البديهة : [المنسرح]
روّحني عائدي فقلت له
لا لا تزدني على الذي أجد [٣]
أما ترى النار وهي خامدة
عند هبوب الرياح تتّقد
وقال الأعلم : ليكن محفوظك من النظم مثل قول ابن القبطرنة [٤] : [المتقارب]
دعاك خليلك واليوم طل
وعارض وجه الثّرى قد بقل [٥]
لقدرين فاحا وشمّامة
وإبريق راح ونعم المحل
ولو شاء زاد ولكنه
يلام الصديق إذا ما احتفل
وقال أبو عامر بن ينّق [٦] الشاطبي : [البسيط]
ما أحسن العيش لو أنّ الفتى أبدا
كالبدر يرجو تماما بعد نقصان
إذ لا سبيل إلى تخليد مأثرة
إذ لا سبيل إلى تخليد جثمان [٧]
[١] في ج : «وأنشدته إياها». والأصح ما أثبتناه وهو في أ، ب ، ه ، كما أثبتنا.
[٢] في أ«اللماي» وقد صوّبناه من ب.
[٣] عائدي : «زائري في مرضي».
[٤] انظر المغرب ج ١ ص ٣٦٨.
[٥] بقل : ظهر. وبقلت الأرض : أنبتت البقل.
[٦] كذا في أ، ب ، ه. وهو في ج : «بن نيق».
[٧] المأثرة : المكرمة المتوارثة ، وجمعها مآثر.