إلى أن حكم الله بنثر سلكهم [٣] ، وذهاب ملكهم ، فذهبوا وذهبت أخبارهم ، ودرسوا ودرست آثارهم : [البسيط]
جمال ذي الأرض كانوا في الحياة وهم
بعد الممات جمال الكتب والسّير
فكم مكرمة أنالوها ، وكم عثرة أقالوها : [الرجز]
وإنّما المرء حديث بعده
فكن حديثا حسنا لمن وعى
وكان من حسنات ملكهم المنصور بن أبي عامر ، وما أدراك الذي بلغ في بلاد النصارى غازيا إلى البحر الأخضر ، ولم يترك أسيرا في بلادهم من المسلمين ، ولم يبرح في جيش الهرقل وعزمة الإسكندر ، ولمّا قضى نحبه [٤] كتب على قبره : [الكامل]
آثاره تنبيك عن أوصافه
حتى كأنّك بالعيان تراه
تالله لا يأتي الزمان بمثله
أبدا ولا يحمي الثغور سواه
وقد قيل فيه من الأمداح ، وألّف له من الكتب ، ما سمعت وعلمت ، حتى قصد من بغداد ، وعمّ خيره وشرّه أقاصي البلاد ، ولمّا ثار بعد انتثار [٥] هذا النظام ملوك الطوائف وتفرّقوا في البلاد ، وكان [٦] في تفرّقهم اجتماع على النعم لفضلاء العباد ، إذ نفّقوا سوق العلوم ، وتباروا في المثوبة على المنثور والمنظوم ، فما كان أعظم مباهاتهم إلّا قول : العالم الفلاني عند