وحضر جماعة من أعيان الأدباء مثل الأبيض وابن بقي وغيرهما من الوشّاحين ، واتّفقوا على أن يصنع كلّ واحد منهم موشّحة ، فلمّا أنشد الأعمى موشّحته التي مطلعها :
ضاحك عن جمان
سافر عن بدر
ضاق عنه الزمان
وحواه صدري
خرّق كلّ منهم موشّحته.
وتحاكمت امرأة إلى القاضي أبي محمد عبد الله اللّارديّ الأصبحي ، وكانت ذات جمال ونادرة ، فحكم لزوجها عليها ، فقالت له : من يضيع قلبه كلّ طرف فاتر جدير أن يحكم بهذا ، تشير إلى قوله : [الخفيف]
أين قلبي؟ أضاعه كلّ طرف
فاتر يصرع الحليم لديه
كلّما ازداد ضعفه ازداد فتكا
أيّ صبر ترى يكون عليه
وحضر أبو إسحاق بن خفاجة مجلسا بمرسية مع أبي محمد جعفر بن عنق الفضّة الفقيه السالمي ، وتذاكرا ، فاستطال ابن عنق الفضّة ، ولعب بأطراف الكلام ، ولم يكن ابن خفاجة يعرفه ، فقال له : يا هذا ، لم تترك لأحد حظّا في هذا المجلس! فليت شعري من تكون؟ فقال : أنا القائل : [الرمل]
فاهتزّ ابن خفاجة ، وقال : من يكون هذا قوله لا ينبغي أن يجهل ، ولك المعذرة في جهلك ، فإنك لم تعرّفنا بنفسك ، فبالله من تكون؟ فقال : أنا فلان ، فعرفه وقضى حقّه.
وحكى ابن غالب في «فرحة الأنفس» أنّ الوزير أبا عثمان بن شنتفير وأبو عامر بن عبد شلب [٢] وفدا رسولين على المعتمد بن عباد ، عن إقبال الدولة بن مجاهد والمعتصم بن صمادح والمقتدر بن هود ، لإصلاح ما كان بين المعتمد وبين ابن ذي النون ، فسرّ المعتمد بهم