responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 170

[سورة الشعراء ، الآية : ٢٢٤] ـ إلى (ما لا يَفْعَلُونَ) [سورة الشعراء ، الآية : ٢٢٦] والابتعاد منهم أولى من الاقتراب ، وقد قيل فيهم : ما ظنّك بقوم الصدق يستحسن إلّا منهم؟ فرفع المنصور رأسه ، وكان محبّا في أهل الأدب والشعر ، وقد اسودّ وجهه ، وظهر فيه الغضب المفرط ، ثم قال : ما بال أقوام يشيرون في شيء لم يستشاروا فيه ، ويسيئون الأدب بالحكم فيما لا يدرون ، أيرضى أم يسخط؟ وأنت أيّها المنبعث للشّرّ دون أن يبعث ، قد علمنا غرضك في أهل الأدب والشعر عامة ، وحسدك لهم ؛ لأنّ الناس كما قال القائل : [مجزوء الرمل]

من رأى الناس له فض

لا عليهم حسدوه

وعرفنا غرضك في هذا الرجل خاصّة ، ولسنا إن شاء الله تعالى نبلّغ أحدا غرضه في أحد ، ولو بلّغناكم بلغنا في جانبكم ، وإنك ضربت في حديد بارد ، وأخطأت وجه الصواب ، فزدت بذلك احتقارا وصغارا ، وأني ما أطرقت من كلام الرمادي [١] إنكارا عليه ، بل رأيت كلاما يجلّ عن الأقدار الجليلة ، وتعجّبت من تهدّيه له بسرعة ، واستنباطه له على قلة [٢] من الإحسان الغامر ما لا يستنبطه غيره بالكثير ، والله لو حكّمته في بيوت الأموال لرأيت أنها لا ترجح ما تكلّم به قلبه ذرة ، وإياكم أن يعود أحد منكم إلى الكلام في شخص قبل أن يؤخذ معه فيه ، ولا تحكموا علينا في أوليائنا ولو أبصرتم منا التغيّر عليهم ، فإنّنا لا نتغيّر عليهم بغضا لهم وانحرافا عنهم ، بل تأديبا وإنكارا ، فإنّا من نريد إبعاده لم نظهر له التغيّر ، بل ننبذه مرّة واحدة ، فإن التغيّر إنما يكون لمن يراد استبقاؤه ، ولو كنت مائل السمع لكلّ أحد منكم في صاحبه لتفرّقتم أيدي سبا ، وجونبت أنا مجانبة الأجرب ، وإني قد أطلعتكم على ما في ضميري فلا تعدلوا عن مرضاتي ، فتجنّبوا سخطي بما جنيتموه على أنفسكم ، ثم أمر أن يردّ الرمادي وقال له : أعد عليّ كلامك ، فارتاع ، فقال : الأمر على خلاف ما قدرت ، الثواب أولى بكلامك من العقاب ، فسكن لتأنيسه ، وأعاد ما تكلّم به ، فقال المنصور : بلغنا أنّ النعمان بن المنذر حشا فم النابغة بالدّرّ لكلام استملحه [٣] منه ، وقد أمرنا لك بما لا يقصر عن ذلك ما هو أنوه وأحسن عائدة ، وكتب له بمال وخلع وموضع يتعيّش [٤] منه ، ثم ردّ رأسه إلى المتكلّم في شأن الرمادي ، وقد كاد يغوص في الأرض لو وجد لشدّة ما حلّ به ممّا رأى وسمع [٥] وقال : والعجب من قوم


[١] في ب ، ه : «من خطاب الرمادي».

[٢] في ب ، ه : «على قلته».

[٣] في ب ، ه : «لكلام استحسنه منه».

[٤] في ه : «وموضع ينتعش منه».

[٥] في ه : «عما سمع ورأى».

نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 170
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست