responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 157

هل استمالك جسم ابن الأمير وقد

سالت عليه من الحمّام أنداء [١]

كالغصن باشر حرّ النار من كثب

فظلّ يقطر من أعطافه الماء

قلت : تذكّرت هنا عند ذكر الحمّام ما حكاه بدر الدين الحسن بن زفير الإربلي المتطبب إذ قال : رأيت ببغداد في دار الملك شرف الدين هارون ابن الوزير الصاحب شمس الدين محمد الجويني حمّاما متقن الصنعة ، حسن البناء ، كثير الأضواء ، قد احتفّت به الأزهار والأشجار ، فأدخلني إليه سائسه ، وذلك بشفاعة الصاحب بهاء الدين بن الفخر عيسى المنشئ الإربلي وكان سائس هذا الحمّام خادما حبشيّا كبير السّنّ والقدر ، فطاف بي عليه ، وأبصرت مياهه وشبابيكه وأنابيبه المتّخذ بعضها من فضّة مطليّة بالذهب وغير مطليّة وبعضها على هيئة طائر إذا خرج منها الماء صوّت بأصوات طيبة ، ومنها أحواض رخام بديعة الصنعة والمياه تخرج من سائر الأنابيب إلى الأحواض ومن الأحواض إلى بركة حسنة الإتقان ، ثم منها إلى البستان ، ثم أراني نحو عشر خلوات ، كلّ خلوة منها صنعتها أحسن من صنعة أختها ، ثم انتهى بي إلى خلوة عليها باب مقفل بقفل حديد ، ففتحه ، ودخل بي إلى دهليز طويل كلّه مرخم [٢] بالرخام الأبيض الساذج ، وفي صدر الدهليز خلوة مربعة تسع بالتقريب نحو أربعة أنفس إذا كانوا قعودا وتسع اثنين إذا كانوا نياما ، ورأيت من العجائب في هذه الخلوة أنّ حيطانها الأربعة مصقولة صقالا لا فرق بينه وبين صقال المرآة ، يرى الإنسان سائر بشرته في أي حائط شاء منها ، ورأيت أرضها مصوّرة بفصوص حمر وصفر وخضر ومذهّبة وكلّها متّخذة من بلّور مصبوغ بعضه أصفر وبعضه أحمر ، فأما الأخضر فيقال إنه حجارة تأتي من الروم ، وأما المذهّب فزجاج ملبّس بالذهب ، وتلك الصورة في غاية الحسن والجمال ، على هيئات مختلفة في اللون وغيره ، وهي ما بين فاعل ومفعول به ، إذا نظر المرء إليها تحرّكت شهوته ، وقال لي الخادم السائس : هذا صنع على هذه الصفة لمخدومي ، حتى أنه إذا نظر ما يفعل [٣] هؤلاء بعضهم مع بعض من المجامعة والتقبيل ووضع أيدي بعضهم على أعجاز بعض تتحرّك شهوته سريعا ، فيبادر إلى مجامعة من يحبّه.

قال الحاكي : وهذه الخلوة دون سائر الخلوات التي دخلت إليها هي مخصوصة بهذا الفعل ، إذا أراد الملك شرف الدين هارون الاجتماع في الحمّام بمن يهواه من الجواري الحسان والصور الجميلة والنساء الفائقات الحسن لم يجتمع به إلّا في هذه الخلوة ، من أجل أنه يرى


[١] في ه : «جسم ابن الأمين».

[٢] في ه : «كله رخم» وقد أثبتنا ما في أ، ب ، ج.

[٣] في ب ، ه : «إذا نظر إلى ما يفعله هؤلاء».

نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست