responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 147

فتبسّم الشيخ وقال : أما كان في نظمك أطهر من هذا؟ فقلت له : ما وفّقت لغيره ، فقال : لا بأس عليك ، فأنشدني غيره ، ففكّرت إلى أن أنشدته قولي : [المتقارب]

ولمّا وقفت على ربعهم

تجرّعت وجدي بالأجزع

وأرسل دمعي شرار الدموع

لنار تأجّج في الأضلع [١]

فقال عذولي ، لمّا رأى

بكائي : رفقا على الأدمع

فقلت له : هذه سنّة

لمن حفظ العهد في الأربع

قال : فرأيت الشيخ قد اختلط ، وجعل يجيء ويذهب ، ثم أفاق وقال : أعد بحقّ آبائك الكرام ، فأعدت ، فأعاد ما كان فيه وجعل يردّده ، فقلت له : لو علمت أنّ هذا يحرّكك ما أنشدتك إيّاه ، فقال : وهل حرّك منّي إلّا خيرا وعظة؟ يا بنيّ ، إنّ هذه القلوب المخلاة لله كالورق التي جفت ، وهي مستعدّة لهبوب الرياح ، فإن هبّ عليها أقلّ ريح لعب بها كيف شاء ، وصادف منها طوعه ، فأعجبني منزعه ، وتأنّست به ، ولم أر عنده ما يعتاد من هؤلاء المتدينين من الانجماع والانكماش ، بل ما زال يبسطني ويحدّثني بأخبار فيها هزل ، ويذكر لي من تاريخ بني أمية وملوكها ما أرتاح له ، ولا أعلم أكثره ، فلمّا كثر تأنسي به أهويت إلى يده كي أقبّلها ، فضمّها بسرعة ، وقال : ما شأنك؟ فقلت : راغبا لك في أن تنشدني شيئا من نظمك ، فقال : أما نظمي في زمان الصبا فكان له وقت ذهب ، ويجب للنظم أن يذهب معه ، وأمّا نظمي في هذا الوقت فهو فيما أنا بسبيله ، وهو يثقل عليك ، فقلت له : إن أنصف سيدي الشيخ نفعنا الله تعالى به أنشدني من نظم صباه ، ومن نظم شيخوخته [٢] ، فيأخذ كلانا بحظّه ، فضحك وقال : ما أعصيك وأنت ضيف وقريب ولك حرمة أدب [٣] ووسيلة قصد ، ثم أنشدني وقد بدا عليه الخشوع وخنقته العبرة : [مجزوء الكامل]

ثق بالذي سوّاك من

عدم فإنك من عدم

وانظر لنفسك قبل قر

ع السّنّ من فرط الندم

واحذر وقيت من الورى

واصحبهم أعمى أصمّ

قد كنت في تيه إلى

أن لاح لي أهدى علم

فاقتدت نحو ضيائه

حتى خرجت من الظّلم


[١] في ه : «وأرسل دمعي شداد الدموع» ، محرفا.

[٢] في ه : «ومن نظم شيخه» وليس بشيء.

[٣] في ه : «ولك حرمة وأدب».

نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 147
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست