روى المفضل بن عمرو عن أبي عبدالله الصادق 7 قال : « كان فيما ناجىٰ الله به موسیٰ بن عمران 7 أن قال له : يا بن عمران ، كذب من زعم انه يحبني ، فإذا جنّه الليل نام عني ، أليس كل محب يحب خلوة حبيبه ؟ ها أنا يا بن عمران مطلع علىٰ احبائي ، إذا جنّهم الليل حولت ابصارهم في قلوبهم ومثلت عقوبتي بين اعينهم ، يخاطبوني عن المشاهدة ، ويكلموني عن الحضور.
يا بن عمران ، هب لي من قلبك الخشوع ، ومن بدنك الخضوع ، ومن عينيك الدموع ، وادعني في الظلمات فإنك تجدني قريباً مجيباً » [٢].
وفي هذا النص مواضع للتأمل لا نريد أن نقف عندها طويلا. إن الليل يجن اولياء الله ، ويسترهم عن زحمة الحياة وشواغلها ، وكأنما الليل ينترع الانسان انتزاعاً من وسط شواغل الدنيا التي تشغله عن الانصراف والانقطاع الىٰ الله ، وتستره ، وتجنّه ، وهذه هي فرصة خلوة الليل ، حيث يخلو للانسان وجه الله عن كل شاغل وصارف ، ويتمكن من الانقطاع إلىٰ الله في هذه الخلوة.
ويكذب من يزعم أنه يحب الله ، فإذا جنّه الليل نام عن مناجاة من يحب والقيام بين يديه ، والتضرع عنده. أليس كل حبيب يحب الخلوة بحبيبه ؟
إن زحمة النهار وشواغله الكثيرة والمتعددة تشتت ابصارنا واسماعنا ، فإذا جننا الليل ، وانتزعنا من زحمة الحياة تجمّع شتات ابصارنا واسماعنا (التي شتتها