responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السنة نویسنده : السيّد بن طاووس    جلد : 2  صفحه : 192

في مصلحتك وهدايتك من أهل الكفر ومن أهل الإسلام ، حتّى ظفرت أنت بسعادتك ، وكم خرّب من بلاد عامرة ، وأهلك من أمم غابرة.

ثمّ اذكر إبراز الله جلّ جلاله إسراره بيوم العيد ، وأظهر لك أنواره بذلك الوقت السعيد ، من مخزون ما كان مستورا عن الأمم الماضية ، والقرون الخالية ، وجعلك أهلا أن تزور عظمته وحضرته فيه ، وتحدّثه بغير واسطة وتناجيه.

فهل كان هذا في حسنات نطفتك أو علقتك أو مضغتك؟ أو لمّا كنت جنينا ضعيفا؟ أو لمّا صرت رضيعا لطيفا؟ أو لمّا كنت ناشئا [١] صغيرا؟ أو هل وجدت لك في ذلك تدبيرا؟.

فكن رحمك الله عبدا مطيعا ومملوكا سميعا لذلك المالك السّالك بك في تلك المسالك ، الواقي لك من المهالك ، فوالله إنّه ليقبح بك مع سلامة عقلك ، وما وهب لك من فضله ، الّذي صرت تعتقده من فضلك أن تعمى أو تتعامى عن هذا الإحسان الخارق للألباب ، أو أن تشغل عنه ، أو تؤثر عليه شيئا من الأسباب؟

أقول : فاستقبل هداية الله جلّ جلاله إليك يوم عيده ، بتعظيمه وتمجيده ، والقيام بحقّ وعوده ، والخوف من وعيده ، وفرحك وسرورك بما في ذلك من المسارّ والمبارّ على قدر الواهب جلّ جلاله ، وعلى قدر ما كنت عليه من ذلّ التراب ، وعقبات النشأة الأولى وما كان فيها من الأخطار ، وتردّدك في الأصلاب والأرحام ألوفا كثيرة من الأعوام ، يسار بك في تلك المضايق على مركب السّلامة من العوائق ، حتّى وصلت إلى هذه المسافة ، وأنت مشمول بالرحمة والرأفة ، موصول بموائد الضّيافة ، آمنا من المخافة.

فالعجب كلّ العجب لك إن جهلت قدر المنّة عليك فيما تولاّه الله جلّ جلاله من الإحسان إليك ، فاشتغل بما يريد ، وقد كفاك كلّ هول شديد ، وهو جلّ جلاله كافيك ما قد بقي بذلك اللّطف والعطف الّذي أجراه على المماليك والعبيد.


[١] الناشئ : الغلام أو الجارية إذا جاوزا حدّ الصغر وشبّا.

نام کتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السنة نویسنده : السيّد بن طاووس    جلد : 2  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست