وقال الفاسي [١] : «ولما بلغ الحسين المذكور سرف ـ المعروف في وقتنا بالنوارية [٢] ـ توقف عن دخول مكة خوفا من بني العباس ، فلما بلغه خلوها من بني العباس وخروج داود بن عيسى ، دخل في عشرة أنفار من أصحابه ، فطاف وسعى ، ومضى إلى عرفة ، فوقف بها ليلا ، ثم صلى بالناس الصبح بالمزدلفة ، وأقام بمنى إلى أن انقضى الحج ، ثم عاد إلى مكة.
فعسف وظلم ، وأخذ مال الكعبة ، ونهب أموال الناس. وفعل هو وأصحابه أمورا قبيحة ، ونزع عن الكعبة كسوة بني العباس ، وكساها كسوتين ، أنفذهما معه أبو السرايا من قزّ [٣] أحدهما صفراء [٤] والأخرى بيضاء.
ولم يزل يظلم الناس ، حتى خرج أكثر أهل مكة [منها][٥].
واستمر إلى أن بلغه قتل أبي السرايا (سنة مائتين) [٦]. فلما علم ذلك ، وخاف تغير الناس عليه ، عمد إلى محمد بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
[١] في شفاء الغرام ٢ / ٢٨٥ ـ ٢٨٦ ، والعقد الثمين ٤ / ١٩٠ ، وانظر في ذلك : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٩ / ٣٩٤ ، ابن الأثير ـ الكامل في التاريخ ٥ / ١٧٧ ـ ١٧٨ ، ابن فهد ـ اتحاف الورى ٢ / ٢٦٤ ـ ٢٦٨ ، ابن فهد ـ غاية المرام ١ / ٣٩٠ ـ ٣٩٢.
[٢] واشتق الاسم من النورة ـ وهي مادة البناء ، حيث كانت فيها مصانع النورة ـ البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٩ / ٩٤ ـ ٩٥.
[٣] بياض في (أ). والقزّ : من الثياب والابرسيم. انظر : ابن منظور ـ لسان العرب ٥ / ٣٩٥.