١. الكتابة التاريخية بمكة قبيل تأليف منائح الكرم :
اهتم المسلمون اهتماما خاصا بمنطقة الحجاز ، فهي مهبط الوحي وأرض الرسالات ، ومهوى أفئدة المسلمين ، على أرضها وتحت سمائها عاش رسول الله محمد (وأصحابه الكرام ، ومنها خرجت جيوش الحق تنشر نور الإسلام على البلاد والأقطار المختلفة.
لذا اهتم المسلمون بهذه المنطقة وبتدوين تاريخها وخططها ، لأن تاريخها هو تاريخ المسلمين ، وحضارتها هي حضارة الإسلام. وساعد على حصول هذه النهضة العلمية ظهور بعض المستجدات السياسية على الساحة الإسلامية من قدوم الحملات الصليبية والمغولية والبيزنطية وغيرها [١] ... فقدم أعداد كبيرة من الناس من مختلف الأقطار شرقا وغربا للمجاورة ، وكان منهم أعداد كبيرة من العلماء والشيوخ والفقهاء فنشأت بذلك حركة علمية كبرى ، وزاد في تقوية هذه الحركة وجود الدولة المملوكية التي أولت الحرمين الشريفين اهتماما كبيرا ، لتضفي على نفسها الشرعية الإسلامية ... ومن هذا المنطلق ازدهرت الحركة التاريخية في الحرمين الشريفين ، وفي مكة بالذات.
ومن الملاحظ أن معظم ما ألف كان عن الحرمين الشريفين ، ثم التراجم لآل بيت رسول الله (والمذاهب والطبقات وغيرها ، لأن معظم من ألف في هذا كان من العلماء والفقهاء ولم يكونوا من موظفي الدولة أو
[١] شاكر مصطفى ـ التاريخ العربي والمؤرخون ، ط ٣ ـ دار العلم للملايين ـ بيروت ١٩٨٧ م ٤ / ٣٩٩.