وقال الزبير بن بكار في أخبار قريش بسنده إلى معاوية الديلي قال : «كنّا قدمنا وخزاعة مع قصي لنصره ، ونحن نظن إنما يريد منع صوفة من الإجازة فقط [٢] ، فلما ظهر عليهم ندمت خزاعة وبنو بكر ، وعلموا أنه سيصنع بهم ما صنع بصوفة ، وأنه سيحول بينهم وبين أمر مكة وحجابة البيت ، فانحازوا عنه ، فأجمع على حربهم ، وثبت معه أخوه رزاح بمن معه من اخوته وقومه من قضاعة ، وخرجت لهم خزاعة وبنو بكر ، قاقتتلوا قتالا شديدا بالأبطح ، حتى كثرت القتلى في الفريقين ، فقتل خمسون وجرح مائة وخمسون ، وأكثر ذلك في خزاعة. ثم أنهم تداعوا إلى الصلح ، فحكموا يعمر [٣] بن عوف بن كعب بن ليث بن بكر بن كنانة ، فقضى بأن قصيا أولى بالبيت» ـ انتهى ـ.
[ولاية قصي لمكة]
فولي مكة قصي بن كلاب ، وتم له ما يريد ، إلا أنه أقام العرب على ما كانت عليه ، لأنه كان يراه دينا ، فأقر آل صوفة [٤] على الإجازة ، وعدوان على الإفاضة من مزدلفة ، وغير ذلك من أفعال العرب. فكان قصي أول بني كعب بن لؤي أصاب ملكا. وكان شجاعا مقداما حكيما ، ومن كلامه المأثور قوله [٥] : «من أكرم لئيما شركه في لؤمه ،
[١] شفاء الغرام ٢ / ١١٢. وانظر : ابن هشام ـ السيرة ١ / ١٢٤ ، ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٢ / ٣٤٥ ، الأزرقي ـ أخبار مكة ١ / ٦٣ ، اليعقوبي ـ تاريخ ١ / ٢٥٨.