ثم اقتتلت مضر وإياد ، فغلبت مضر ، فقالت إياد : أجلونا ثلاثة أيام. فأجلوهم ، فظعنوا قبل الشرق. فلما ساروا يومين تبعتهم فهم وعدوان [١] وكانوا مع مضر ، فقاتلوهم ، فقالوا : لا تقطعوا قرابتنا ، أعرضوا عن النساء ، فمن اختارت قومها فلترجع. فكان أول من اختار أهله امرأة من خزاعة يقال لها قدامة.
وفي رواية [٢] : أن ايادا بعد أن سارت خارجة من مكة ، رجع منهم ناس بعد ثانية لأخذ الحجر الأسود ، فحملوه على بعير ، فبرك ، فحملوه على [٣] آخر فلم يطق ، فلما رأوا ذلك بحثوا [٤] له ودفنوه تحت شجرة وارتحلوا. فلما كان بعد ليلتين ، افتقدت مضر الحجر ، وكانت امرأة من خزاعة يقال لها قدامة متزوجة في إياد فأبصرتهم [٥] حين دفنوا الحجر ، فقالت لقومها من خزاعة لما لحقوهم : قولوا لهم يعطوكم العهد على أن يجعلوا لكم حجابة البيت ، وأنا أدلهم على الحجر الأسود. فأخذوا بذلك عهدا منهم ، فوليتها خزاعة حتى أتى قصي بن كلاب. فهذا أحد أسباب ولاية خزاعة لمكة.
واستفدنا من هذا أن إياد ومضر كانا [٦] على البيت قبل خزاعة.
[١] فهم وعدوان : هم بنو عمرو بن قيس بن عيلان ، وأمهما جديلة بنت مرّ. انظر : القرطبي ـ التعريف في الأنساب والتنويه لذوي الأحساب لأحمد بن محمد الأشعري القرطبي ص ٩٦ ـ ٩٧.