ونيطت [١] عذارا كالشنوف [٢] في جيش يتلقف لأعدائه أوائله ، ولم ينهض أواخره ، وقد صبّ عليه وقار الصبر ، وهبّت له روائح النصر ، يصرفه ملك يملأ العين جمالا والقلوب جلالا ، والناس في دهر غافل ، قد اطمأنّت بهم سيره ، والدهر يسير بالمقيم ، يمزج البؤس بالنعيم ، وبعد اللجاجة انتهاء والهمّ إلى فرج ، ولكلّ سائلة قرار ، وبالله أستعين ومحمود على كلّ حال.
قال : وكان ابن المعتزّ مجتازا بسامرّاء متأسّفا عليها وله فيها كلام منثور ومنظوم في وصفها. ولمّا استدبر أمرها جعلت تنقض وتحمل أنقاضها إلى بغداد ويعمر بها. فقال ابن المعتزّ :
قد أقفرت سرّ من رأى
وما لشيء دوام
فالنقض يحمل منها
كأنّها آجام
ماتت كما مات فيل
تسلّ منه العظام
قال : وحدّثني بعض الأصدقاء قال : اجتزت بسامرّاء فرأيت على وجه حائط من حيطانها الخراب مكتوب :