تسلطن فخرج عن طاعته الأمير قرقماش فقاتله ثم ظفر به وسجنه بالأسكندرية ثم قتله ، ثم خرج عن طاعته نائب حلب ثغرى برمش ثم إينال الحكمى نائب الشام ، فجهر عليهما العساكر فقاتلوهما واحدا بعد واحد فظفر بهما وقتلهما ، وبعد قتل هؤلاء صفى له الوقت فأخذ وأعطى ذا قدم [١] وسطى.

وكان متواضعا محبا للفقهاء والعلماء والصالحين يميل إلى تربية الأيتام ويحسن إليهم ، عفيفا عن المنكرات ، طاهر الفم والذيل ، لا يعلم من ملوك الجراكسة قبله ولا بعده أعف منه ، وكان على قاعدة الأتراك : الدعوة عنده لمن سبق يذاكر بمسائل فقهية ويتعصب بمذهب أبى حنيفة رضي‌الله‌عنه.

ملك مصر نحوا من خمسة وعشرين عاما إلى أن أورى الدهر له من ذلك نارا وبدل عيشه الأخضر بالموت الأمر ، ولم يجد له أنصارا ، واتخذ تحت الأرض بعد تحت الملك قرارا ، وصفرت الأرض منه فى سابع صفر سنة ٨٥٧ ه‌.

وكان الظاهر جقمق أول ما ولى السلطنة : التفت إلى مكة المشرفة وأرسل إليه سودون المحمدى ليكون أميرا على خمسين فارسا من الترك مقيما بمكة ، وولاه نظر الحرمين الشريفين ومشدا لعمائرها.

وكان فى عمارة الأمير سودون بالمسجد الحرام سنة ٨٥٣ ه‌ أنه قلع الرخام الذى فى سطح الكعبة الشريفة ولا الخشب الموضوع فى السطح الشريف الذى يربط فيه جبال الكسوة الشريفة تأكل وتأكل خشية الزوادان الأربعة التى فى سقف الكعبة التى كانت للضوء فغير ذلك جميعه وجدد الكعبة من خارجها عن الكسوة ووضعت الكسوة داخل البيت الشريف ، واستمرت مجردة يومين وليلتين ، فصارت مكشوفة شاهد الناس أحجارها إلى أن كمل ترميمها وإصلاحها ، وأعيدت الكسوة عليها فى ضحى يوم الاثنين لثمان بقين من شهر صفر سنة ٨٥٣ ه‌.

وأصلح ـ أيضا ـ رخام الحجر وبيض مأذنة «باب الإسلام» ، وأصلح مأذنة «باب الحمرة» ، وبيض مأذنة «باب الحزورة» ، ورمم أسافل مأذنة

[١] هكذا فى (أ) ، و (س).