responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صفة جزيرة العرب نویسنده : الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني    جلد : 1  صفحه : 309

الدّرأة وكان المستولي على كثير من طباعه القمر فلا يزال في أيام الصحو صاحيا حتى يدحض الشمس من جزء وسط السماء والقمر منها بمنظر ، وحينئذ يثور البخار من بطون الأودية حوله ومن بطون شعابه سحابا أبيض كثيفا وهو يظهر ويكثف ويرتفع في سرعة فلا يدور من الفلك جزءان أو ثلاثة حتى قد التبس ذلك البخار رأس الجبل من جميع جوانبه فيعتم به ونظرته عليك طلعا يحول بينك وبين النظر إلى دابتك إذا كانت قدامك أو بينك وبين رفيقك إذا بدرك ، فإن كنت في وقت نوء كان ذلك السّحاب الذي أنت فيه ينهمل رذاذا غزيرا ثم ارتفع وتكاثف فإذا تكاثف وقع فيه لامعة البرق وتبعها صوت الرعد عجلا وريثا على قدر بعد العقيقة من البرق ، ومثال ذلك انك إذا كنت في بعض السهول وكان منك على مدى البصر من يضرب بصاقور في حجر أو بفأس في شجر فنظرت إلى وقعة الفأس لم يتأد إليك صوتها إلا عند وقوع الضربة الثانية وصوت الضربة الثانية عند وقوع الضربة الثالثة وربما كان ابطأ على قدر البعد وكذلك البرق ربما التمع ثلاث لمعات متتابعات فلم يسمع رعدة الأولى إلا بعد تقضّي اللمعة الثالثة ، وربما تكاثف ذلك السحاب إذا ظهر من بطون الأودية دون الشعاب والتف وتضاغط على المنتصف من قعدة الجبل فوقع فيه لامعة البرق فبرقت تحتك ونظرت الأودية متشققة بالسحاب وفوقه الشمس فإذا انقشع السحاب نظرت إلى ماء المطر يسيل في بطون الأودية وإذا أصبح على رأسه الصحو غب المطر وصفا الجو نظرت من أي مرائيه شئت ومن أي أشرافه ركبت أرض تهامة من تحته من موسط بلد حكم إلى المهجم ومن سردد وتنظر سائلة مور كالشيبة البيضاء ، بين خمل تهامة وزغبها وعرفانها ثم تنظر البحر طريدة باقوتيّة فأما الحاد البصر فإنه ينظر من خلف البحر جزائر الفرسان [١] ، وأما ما ينظر منه من الجبال فعرّ خولان من شماليّة وأكمة خطارير ، ورأس وتران عن مسيرة سبعة أيام وستة وخمسة وسحيب جبل بني عامر بحرض ، ومن غربيه جبال الشرف وريشان جبل ملحان عن قرب كقرب هنوم منه من شماليه ، ومن جنوبيه برع وشبام حراز ومسار وضلع جبلان وحرف أنس وضوران ورأس سحمّر [٢] ويخار وينظر هو من هذه المواضع ولو لا أن قعدته في الأودية دون أن يكون


[١] هذا الوصف الدقيق الرائع والتشبيه اللطيف ربما شاهدنا احيانا من جبال حجة أيام المنفى وعرفانها بضم العين وكسرها وتشديد الفاء فيهما جندب ضخم كالجراد أو نبت.

[٢] هو ما يسمى اليوم قلة بني مسلم. وسحمر من عرضه.

نام کتاب : صفة جزيرة العرب نویسنده : الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني    جلد : 1  صفحه : 309
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست