المذكورين كلّهم قد أجازوه إجازة عامّة ، ولم أقرأ عليه إلّا الحديث الأوّل من «الموطّأ» [١] وحدّثني به عن أبي الحسن بن خيرة قراءة ، وعن أبي الرّبيع بن سالم قراءة عليه لصدر منه ، وسماعا عليه لسائره.
وكان في أملي الاجتماع بالفقيه المحدّث أبي محمّد عبد الله [٢] مولى الرّئيس الأوحد العالم أبي عثمان سعيد بن حكم [٣] ، صاحب ميرقة [٤] لما تقرّر لديّ من تهمّمه بالعلم ، واعتنائه بالرّواية. ولم يقض لي حينئذ أن أجتمع به ، وقد وقفت على «فهرسة شيوخه» فرأيت صنع فاضل ذي همّة ، وقد شاركته في بعض شيوخه الّذين ذكرهم.
ثمّ مررنا على مدينة أزمّور [٥] ، وزرنا بها قبور السّادة المدفونين بها من الصّالحين ، نفعنا الله ببركتهم. وختمنا [٦] الرّحلة بزيارة قبر شيخ الصّالحين وقدوتهم ، شرف المغرب الأقصى [٧] ، وفخره ، وشمس زمانه وبدره ، أبي محمّد صالح بن ينصارن [٨] أفاض الله علينا من بركاته ، وأمدّ بصائرنا بنور يستمدّ من مشكاته.
[٢] هو عبد الله الميورقي : فقيه محدث ، من أهل التهمّم بالعلم والاعتناء بالرواية. انظر فهرس الفهارس ٢ / ٧٥٠.
[٣] سعيد بن حكم : أمير أندلسي دخل جزيرة ميورقة عندما اختلّ أمر الموّحدين. وتوّلى رياستها وعلا قدره ، وكان عارفا بالحديث والشعر ، توفي بميورقة سنة ٦٨٠ ه. انظر أعمال الأعلام ٣١٦.
[٤] ميورقة : جزيرة في البحر الزقاقي ، تسامتها من القبلة بجاية من برّ العدوة. انظر الروض المعطار ٥٦٧.
[٥] مدينة في دكالة من بناء الأفارقة على مصّب نهر أم الربيع في البحر المحيط ، بعيدة عن المدينة الغربية بثلاثين ميلا إلى الجنوب. انظر وصف إفريقيا ١ / ١٥٧.