ثمّ سافرنا من مدينة تونس أمّنها الله تعالى ، فمررنا على باجة ثمّ على خولان فتياسرنا منها عن [١] طريق بونة ، وأخذنا على طريق القلاع ، فدخلناها قلعة قلعة ، وهي ذوات عدد ، وليس بها ما يذكر ولا ما يؤرّخ ؛ ثم على قسنطينة على الطّريق الأولى ثمّ على بجاية.
[لقاؤه لأبي الحسين الرندي]
فرأيت بها الشّيخ الصّالح المسنّ أبا الحسين [٢] الرّنديّ وهو ابن أخي الأديب النّحويّ أبي عليّ عمر بن عبد المجيد الرّندي [٣] شارح كتاب «الجمل» [٤] وقد أدركه ، وسمع منه ومن غيره ، وهو حين رأيته لقى ما به حراك من الكبر ، ولكن صحيح الذّهن ، كلّمته في الرّواية عنه فرأيته لا يشتهي الكلام في ذلك ، فاثرت التّخفيف عليه وألّا أعنته في كثرة الكلام ، والمراجعة مع قلّة روايته فاستوهبت منه الدّعاء وودعته وانصرفت.
[لقاؤه لأبي عبد الله بن صالح]
ولقيت بها ثانية الشّيخ الفقيه ، الخطيب ، المحدّث ، الفاضل أبا عبد الله بن صالح ، فقرأت عليه «برنامجه» في أسماء شيوخه في أصل بخطّه ؛ وقرأت عليه بعض «درر السمّط» وناولنيه بحقّ [٥] قراءته إيّاه على مؤلّفه أبي عبد الله
[٣] هو عمر بن عبد المجيد بن علي الأزدي : نزيل مالقة ، مقرئ ، عالم بالعربية سمع أبا القاسم بن بشكوال ، وأبا القاسم السّهيلي. توفي ٦١٦ ه له شرح الجمل للزجاجي. له ترجمة في التكملة ٢ / ٦٥٧ وغاية النهاية ١ / ٥٩٤ وفيها المرندي.
[٤] كتاب في النحو للزجاجي المتوفى سنة ٣٣٩ ه وعليه شروح كثيرة طبع غير مرّة.