عريق في العلم والأدب ، قال لي بمسجد إقرائه : أنا الثّاني عشر مدرسا من آبائي على نسق ، كلّهم قد قعد للإقراء. وبيتهم بالعلم [١] شهير ، وقلّ منهم ومن نسائهم من لا يقول الشّعر ، وأمّا أبو الحسن فهو فيه آية الزّمان إجادة معنى ، وتنقيح لفظ ، وسرعة بديهة ، وكثيرا ما يمليه ارتجالا فيجوّد ويتقن. وله مشاركة حسنة في العلم ، ورواية عن الشّيوخ ، ورحلة إلى المشرق حجّ فيها ؛ بالجملة من خواصّ أهل العلم وآحادهم ؛ جالسته كثيرا ، وسمعت كلامه في الأدب وغيره ، وقرأت عليه «مقامات الحريريّ» وكان [٢] يردّ فيها ردّا حسنا ، وينقدها نقدا محقّقا ؛ وذاكرته فيها بمواضع عديدة كنت أتعقّبها فأثبت قولي فيها واستحسنه ، وحدّثني بها عن الشّيخ الفقيه العالم أبي عمرو عثمان بن سفيان [٣] التّميميّ سماعا عن أبي الحسين بن جبير سماعا عن أبي الطّاهر الخشوعي عن الحريريّ ؛ وقرأت عليه «المقامة الدّوحيّة» [٤] وحدّثني بها عن الخطيب أبي محمّد بن برطله قراءة عن أبي زكرياء يحيى بن حسّان القرطبي عن منشئها أبي بكر بن عياض القرطبيّ [٥] ؛ وقرأت عليه «رياضة المتعلّمين» للإمام الحافظ أبي نعيم ، وحدّثني بها عن [الخطيب][٦] ابن برطله المذكور ، قراءة عن أبي الخطّاب بن واجب وأبي محمّد بن غلبون ، عن أبي عبد الله بن سعادة ، وأبي بكر بن أبي ليلى ، عن القاضي أبي عليّ الصّدفيّ ،
[٥] هو محمد بن عياض اللبلي : أديب نحوي ، تصدّر للإقراء في قرطبة أيام عبد المؤمن الموحدّي ، وله المقامة الدوحية. انظر المغرب ١ / ٣٤٤ ، رايات المبرزين ١٣٢.