وهذا القدر هو الّذي يمكن إثباته في صفة هذا القصر ، وهو من جملة المباني الغريبة الّتي لا تتصوّر تصوّرا تامّا إلّا بالمشاهدة ، وليس في داخله عمارة معتبرة ولكنّ العمارة خارجة [١] عنه ، وهنالك ديار وبساتين وجامع مليح ؛ وأهلها ناس صالحون شملتهم بركة الشّيخ الصّالح أبي زيد اللّخميّ ـ ; ـ وأولاده الآن على طريقته في الدّين والصّلاح وإطعام الطّعام ، نفعهم الله ، ونفع بهم.
[ذكر سوسة]
ثمّ وصلنا إلى مدينة سوسة [٢] ، وهي مدينة مليحة ، برّية ، بحرّية ، حولها بساتين وثمار ، وهي في نفسها متقنة محكمة [٣] العمل ، مؤسّسة بقّوة ، وكلّها صخر منحوت ، وفيها رباط متّسع ، عجيب ، مليح [٤] جدّا ، ينزله الحجّاج والمسافرون ، ولكنّه قد سحب الزّمان على الكلّ ذيل البلى ، ورمى الدّاخل والخارج بسهم التّوى [٥] ، فعادت بعد الصّون برزة مكشوفة ، وصارت محاسنها ممحوّة [٦] مكسوفة ، فخضعت خضوع العزيز إن ذلّ [٧] ، وخشعت [١٢٨ / آ] خشوع الكثير إذا قلّ. ترنو إلى البرّ والبحر بمقلة خائف ، وتحاذر.