وقيل إنّ الملائكة بنت البيت ، وإنّهم لما قالوا (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها)[١] غضب الله عليهم ، فعادوا يطوفون بالعرش ، يسترضون ربّهم فرضي عنهم وقال لهم : ابنوا في الأرض بيتا يعوذ به كلّ من سخطت عليه كما فعلتم بعرشي ، فبنوا البيت. وقيل : إنّما بناه آدم 7 ، وإنّه لما أهبط من الجنة أوحى الله إليه : ابن لي بيتا ، واصنع حوله كما كانت الملائكة تصنع حول عرشي. فبناه. حكي هذا عن ابن عبّاس أيضا قال : وبناه من خمسة أجبل : طور سيناء [٢] ، وطور زيتاء [٣] ، ولبنان ، والجوديّ [٤] وحراء [٥]. قال مجاهد [٦] : وكان موضعه بعد الغرق أكمة حمراء لا تعلوها السّيول وكان يأتيها المظلوم ، ويدعو عندها المكروب. وقيل : إنّما بناه شيث بن آدم 8 ، حكاه أبو عمر بن عبد البرّ [٧].
[٢] طور سيناء : جبل بقرب أيلة وعنده بليد فتح في زمن النبي.
[٣] طور زيتاء : هو الجبل الشرقي عند بيت المقدس ، وهو جبل عظيم مشرف على المسجد الأقصى. انظر الأنس الجليل ٢ / ٦٠.
[٤] جبل الجودي : جبل مطل على جزيرة ابن عمر في الجانب الشرقي من دجلة من أعمال الموصل عليه استوت سفينة نوح لما نضب الماء.
[٥] جبل حراء : من جبال مكة على ثلاثة أميال. كان النبي 6 يتعبّد في غار من هذا الجبل قبل أن يأتيه الوحي. وفيه أتاه جبريل.
[٦] مجاهد بن أصبغ بن حسان : أبو الحسن البّجاني : مؤرخ ، أديب أندلسي له كتب منها طبقات الفقهاء ، وفساد الزمان ، والناسخ والمنسوخ. توفي سنة ٣٨٢ ه. ترجمته في تاريخ علماء الأندلس : القسم الثاني : ١٥١.
[٧] هو يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي المالكي : حافظ ، مؤرّخ ، أديب ، بحاثة ، له مصنفات منها : الدرر في اختصار المغازي والسير ، والاستيعاب ، وجامع بيان العلم وفضله. توفي سنة ٤٦٣ ه. ترجمته في الصلة ٦٧٧ والديباج المذهب ٣٥٧ ـ المغرب في حلى المغرب ٢ / ٤٠٧ ـ مطمح الأنفس ٢٩٤.