ولمّا احتيج في الكفّ إلى اللّمس جعلت أذكى الأعضاء حسّا مع كثافة البشرة ليتنبّه الكثيف الطّبع إلى جمع الضدّين. ولمّا احتيج إلى كشف الوجه للمواجهة ، أعين على ألم الحرّ والبرد أكثر من سائر البدن ، ومن عجب أنّه يتألّم بأقل الخجل حتّى يتصبّب عرقا ، ثم يحتمل شدّة البرد [١].
لمّا كان المظلوم إلى النّصر أحوج ، كانت الإجابة إلى دعائه أسرع [٨٣ / آ] «اتّقوا دعوة المظلوم ، فليس بينها وبين الله حجاب» [٢].
لمّا كان الصّغير من الحيوان غير مستقلّ بنفسه ، استخدمت له الأمّ بقهر الشّفقة. ولمّا كان الكبير [مستقلا بنفسه استغنى عن أمّه][٣]. فسبحان من عجزت العقول عن إدراك بعض لطائفه ؛ وقصّرت الألسن عن شكر أقلّ عوارفه [...][٤]. ومن نظام حكمة الحكيم أنّهم لا يرحلون ولا ينزلون إلّا بأمر ، وعلامة الأمر دقّ الطبّل. ولا يتقدّم منهم أحد الدّليل ، والدّليل أمامهم ليلا ونهارا ، والخيل قدّام الرّكب ووراءه [...][٥] بالمشاعل تنفض المسالك وتتفقّد من تأخّر [من ضعف أو نوم] أو تكاسل ، ومعهم جمال السّبيل يحملون عليها المنقطعين بعد امتحان لهم واستبراء لشأنهم ، [لأن منهم من][٦] يتعاجز رغبة في الرّكوب ، وهو قويّ على المشي ،
[٢] أخرجه البخاري في الزكاة باب أخذ الصدقة من الأغنياء رقم ١٤٩٦ ـ ٣ / ٣٥٧ عن ابن عباس ، وفي المظالم باب الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم رقم ٢٤٤٨ ـ ٥ / ١٠١ وفي الموضعين بلفظ : اتقّ ـ ومسلم في الإيمان باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام رقم ٢٩.