السّلام عليكم ، رجل غريب قدمت من بلد بعيد لتحدّثني بحديث رسول الله 6. فاستعظم شعبة ذلك فقال : يا هذا دخلت منزلي بغير إذن ، وتكلّمني على مثل هذا الحال ، تأخّر عنّي حتّى أصلح من شأني ، فقال : إنّي أخشى الفوت ، فقال : تخشى الفوت بقدر [١] ما أصلح من شأني؟ ، فأكثر عليه الإلحاح ، قال : وشعبة يخاطبه وذكره في يده يستبرىء [٥٩ / ب] فلمّا أكثر قال : اكتب : حدّثنا [٢] منصور بن المعتمر عن ربعيّ بن حراش [٣] عن أبي مسعود البدريّ رضياللهعنه عن النّبيّ 6 «إنّ ممّا أدرك النّاس من كلام النّبوّة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت» [٤]. ثم قال : والله لا أحدّثك بغير هذا الحديث ، ولا حدّثت قوما تكون فيهم.
قلت : وقد جمع الإمام أبو الحسن عليّ بن المفضّل المقدسيّ جزءا صغيرا في هذا الحديث ، وذكر فيه أنّ شعبة عتب على القعنبيّ أن تركه بالبصرة ، ورحل إلى مالك ، فلمّا ألحّ عليه القعنبيّ حدّثه بهذا الحديث وحلف لا يحدّثه بغيره ، قال : وقيل إنّ القعنبيّ حلف عليه لتحدّثني ، فحدّثّه بهذا الحديث ثم حلف لاحدّثتك [٥] بغيره. وقرأت هذا بخطّ ابن المفضّل المذكور وأخبرني به جماعة عن ابن [٦] الشّقر عنه.
[٤] أخرجه البخاري في الأدب باب إذا لم تستح فاصنع ما شئت رقم ٦١٢٠ ـ ١٠ / ٥٢٣ وفي الأدب ـ باب الحياء رقم ٤٧٩٧ وابن ماجة ٢ / ١٤٠٠ وابن حنبل ٥ / ٢٧٣ والبيهقي ١٠ / ١٩٢.