صنوف العلم وفنونه ، وتحقّق بتمييز أبكاره وعونه [١]. وتسلّط بثاقب ذهنه على استنباط عيونه ، وما رأيت أحدا اجتمع له من حسن الحفظ ، وجودة اللّفظ ، وذكاء الفهم ما اجتمع له. ولا رئيسا جعل العلم قيد همّته كما جعله. وقد استظهر دواوين من العلم في صغره ، ولم يتغير حفظه لها في زمان كبره ، وقد منح من حسن الخلق وجميل العشرة وكمال الإنصاف ، ما يعيا ببعض أوصافه اللّسن الوصّاف ، وما يكلّ دون شأوه طرف [٢] البيان ، مع [٣] ما خصّ به من طلاقة الوجه واليد واللّسان.
وله على التّأليف حسن اقتدار ، وفي إجادة التّصنيف مكنة [٤] تدلّ على أنّه لراية المجد ذو ابتدار. بدأ على «البخاريّ» شرحا مؤسّس المباني ، محقّق المعاني. زانه حسن العبارة في التّصريح والإشارة. إن قضى الله له بالتّمام كان مفتاحا يعّول في حلّ [٥] مشكلات المشروح عليه. ومصباحا يلجأ في إزاحة ظلام الشّكوك إليه. قرأت عليه بعضه ، وسمعت منه مواضع قصد قراءتها عليّ ، وأجازني ما نجز منه ، وما سينجز إن شاء الله تعالى.
[١] الأبكار : ج بكر وهي الجارية لم تفتضّ ، واستخدم المصنف اللفظة على المجاز والمراد بالمعنى : العلوم التي لم تطرق.
العون : ج : عوان وهي التي لها زوج ، والمعنى المجاز لها أن هذا الشيخ له معرفة. بمختلف صنوف العلم.