قلت : قد جمح [٢] القلم في هذا الفصل بحسب استطراد القول ، فقطع عمّا كنت فيه من ذكر [٣] أهل الإسكندريّة ، ووصف بعض أحوالهم الرّديّة ، وهي أكثر من أن يحصرها بيان ، أو يحيط بها خبر ولا عيان ، لكنّها نفثة مصدور ، ولفظة جرى بها المقدور. وبودّي لو لم أر إلّا حسنا فأذكره ، ولم ألق إلّا مشكورا فأشكره. ولو كان القبيح يجمل بغير أوصافه ، والنّاقص يكمل بذكر أسلافه. لكان أهل الإسكندريّة أجمل النّاس حسنا ، وأكملهم في كلّ معنى ، بوجود بعض الأفراد فيهم ، وسكنى الآحاد [٤] المبرّزين في العلم والدّين بمغانيهم. ولكن الموتى إذا جاورهم الأحياء [٥] ، لم يحصل لهم بمجاورتهم الإحياء [٦] ، بل : [الكامل]