رجائها حوضا ولا نهرا ، ولا تجتلي روضا يحوي نورا ولا زهرا ، بل هي «أقفر من جوف حمار» ، [١] وأهلها «سواسية كأسنان الحمار [٢]» ، ليس على ناشئ منهم فضل لذي شيبة [٣] ، ولا لذي الفضل منهم [٤] هيبة ، ترى أجساما حاضرة والعقول في عقل غيابات الغيبة ، ملابس يلبسها ليلبس بها من ملابس العيوب العيبة ، إلى بخل لو مازج ماء البحر جمد ، أو خالط الهواء سكن في آذار وركد. وخلق يضيق به متّسع الفضاء ، ونزق يحقّ له في ذمّهم كشف الغطاء. وأذهان أربت في الضّيق على الخاتم ، سواء لديها [٥] من حارب ومن سالم : [السريع]
كأنّهم من ضيق أفهامهم
لم يخرجوا بعد إلى العالم
فسبحان من خلقهم [٦] وأهل تونس في طرفي نقيض ، أولئك في الأوج وأولاء في الحضيض.
[١] في المثل : أخلى من جوف حمار ، وهو رجل من عاد يقال له حمار بن مويلع. وجوفه واد خصيب ، وفيه من كل الثمرات ، فخرج بنوه يتصيدون ، فأصابتهم صاعقة فهلكوا ، فكفر وقال : لا أعبد من فعل هذا ببنيّ ، ودعا قومه إلى الكفر فمن عصاه قتله ، فأهلكه الله تعالى وأخرب واديه ، انظر ثمار القلوب ٨٤ والميداني ١ / ٢٥٧.
[٢] المثل في أمثال أبي عبيد ١٣٢ ، وجمهرة الأمثال ١ / ٥٢٢ ، ومجمع الأمثال للميداني ١ / ٣٢٩ ، والمستقصى ٢ / ١٢٣ وفصل المقال ١٩٦ ، واللسان سوا.