قرأ ذلك في حجر عند رأسه بمدينة سفاقس [١] ـ حرسها الله ـ وناولني «صحيحي البخاريّ ومسلم» في أصله منهما ، وقرأت عليه بعض الأحاديث الثّنائيّة الإسناد من حديث مالك ـ رضياللهعنه ـ من تخريجه وبعض أحاديثه التّساعيّة [٢] من تأليفه وانتقائه وناولني سائرهما ، وناولني أجزاء من عوالي حديثه ، وحديث شيوخه ، وناولني «الأحاديث الأربعين في عموم رحمة الله لسائر المؤمنين» من تأليفه.
وحدّثني ـ حفظه الله ـ بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله 6 : «الرّاحمون يرحمهم الرّحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السّماء [٣]». وهو أوّل حديث سمعته منه عن الفقيه أبي عبد الله محمّد بن إبراهيم بن عثمان الحنفيّ سمع منه بالمهديّة [٤] عام ثمانية وعشرين بسنده مسلسلا ، وبحديث أنس بن مالك [٥] رضياللهعنه قال : «صافحت بكفّي هذه كفّ رسول الله 6 ، فما مسست خزّا ولا حريرا ألين من كفّ
[١] سفاقس : مدينة بتونس على ساحل البحر بينها وبين قابس ثلاثة أيام. انظر ياقوت ٣ / ٢٢٣.
[٢] الأحاديث التساعية التي يكون في سندها تسعة رجال. من الراوي إلى الرسول 6.
[٣] أخرجه الترمذي برقم ١٩٢٥ في البر والصلة باب في رحمة الناس ، وأبو داود رقم ٤٩٤١ في الأدب ـ باب الرحمة ، وهو في جامع الأصول ٤ / ٥١٥ ، والأسماء والصفات للبيهقي ٤٢٣.
[٤] المهدية : مدينة بساحل إفريقية بناها عبيد الله العبيدي الخارج على بني الأغلب وسماها المهدية نسبة إلى نفسه ، وكان ابتداء بنيانها سنة ٣٠٠ ه وبينها وبين القيروان ستون ميلا ، ويحيطها البحر من جهاتها.
[٥] أنس بن مالك الأنصاري الخزرجي : صاحب رسول الله وخادمه ، توفي سنة ٩٣ ه. له ٢٢٨٦ حديثا ، ترجمته في الإصابة ١ / ٨٤ ، والاستيعاب ١ / ٤٤.