لم تنل رحلة العبدريّ مكانتها بين الرّحلات ، وأوّل من تنبّه إلى شأنها علماء الاستشراق ، الّذين انكبّوا عليها دراسة وترجمة ، وكان «أول من اشتغل بها المستشرق الفرنسي «مانسان» في مقال نشره بالجريدة الآسيويّة ، ثم نشر المستشرق «شربونو» بالجريدة الآسيوية كذلك سنة ١٨٥٤ م مقالا عنها ، أتبعه بترجمة بعض فصولها» [١].
وبقيت هذه الرّحلة حبيسة الرّفوف إلى أن جاء الأستاذ أحمد بن جدّو وحاول أن يخرجها للناس ، فطبعها منقوصة غير تامّة ، وزاد في سوئها كثرة الأخطاء ، ثم طبعت في المغرب بعناية الدكتور محمّد الفاسي ، إلّا أن هذه الطّبعة أيضا لم تف بحقّ الرّحلة ، ولم تقدّمها للنّاس على شكلها الصّحيح ، ويبدو أنّ وقت الدّكتور الفاسي لم يتّسع لأكثر من ذلك ، فدفعها للطّبع بسرعة تحدوه الرّغبة في أن يطّلع عليها جمهور الباحثين والقرّاء ، فخرجت الرّحلة يعتورها بعض النّقص ، والتّصحيف والتّحريف ، وخلت ـ أو كادت ـ من التّعليقات الضّروريّة لا يضاح ما يستغلق فهمه لدى قراءتها.
وممّا يدلّ على أهميّة هذه الرّحلة انتشار نسخها المخطوطة في كثير من مكتبات العالم [٢]. واحتفال المؤرخين بها إذ نقل كثير منهم عنها كالتّنبكتي صاحب «نيل الابتهاج» الّذي أفاد منها أيّما إفادة ونقل كثيرا من التّراجم عنها ، وعدّها مصدرا من مصادر كتابه [٣]. ونقل عنها الوزير السّرّاج في