قال : سألته هل هو قرحى ممال أو قرحا منّون؟ فقال لي : قرحا منّون ، ألا ترى أنّ بعده : وعادت بهارا. قال : يعني أن بهارا جمع بهارة [٤] ، وقرحا جمع قرحة. ثم أطنب في الثّناء على المتنبّي واستغراب [٥] فطنته لأجل هذا.
وبيان ما ذكرت في الآية أنّها متضمّنة لقسمين : قسم الضّلال وقسم التّذكير ، فأسند الفعل الثّاني إلى ظاهر حسب إسناد الأوّل ولم يوصل بضمير مفعول ، لكون الأوّل لازما ، فأتى بالثّاني على صورته من التّجرّد [٣٤ / آ] عن المفعول ، ثمّ أتى به أخيرا بعد اعتدال الكلام ، وحصول التّماثل في تركيبه ، ولو قيل : إنّ المفعول حذف لكان أبلغ في المعنى المذكور ، وتكون الأخرى بدلا أو نعتا على جهة البيان ، كأنّه قال : «إن كان ضلال من إحداهما ، كان تذكير من الأخرى» ، وقدّم على الأخرى لفظ إحداهما ليسند الفعل الثّاني إلى مثل [٦] ما أسند إليه الأوّل لفظا ومعنى والله أعلم.
[١] هو عثمان بن جنّي الموصلي من أئمة الأدب والنحو ، ولد في الموصل ، وقرأ على أبي علي الفارسي وصحبه أربعين عاما. توفي سنة ٣٩٢ ه في بغداد. له ترجمة في بغية الوعاة ٢ / ١٣٢ ـ إنباه الرواة ٢ / ٣٣٥ ـ البلغة ١٣٧.