وخمّسها أيضا الفقيه الأديب الفاضل [١] الأوحد أبو بكر محمّد بن الحسن بن يوسف بن حبيش ـ ; ـ وهو من المتقنين المجوّدين وذوي الفضائل المبرّزين ، واعتنى بها اعتناء تاما ، وتصرّف فيها على أوجه كثيرة من تخميس وغيره ، وكرّر تخميسها ثلاث مرات ، وسمّاها «القرب الثّلاث» حدّثني بها كلّها عنه صاحبنا الفقيه أبو عبد الله بن هريرة إجازة ومناولة في أصله بخطّه الّذي قرأه عليه ؛ وقد علق بحفظي مطلع أوّل تخميس منها ، وهو قوله : [البسيط]
عزل الشّباب قضى أنّ المشيب ولي
فما التّغزّل من قولي ولا عملي
حمد الإله ومدح المصطفى أملي
الحمد لله منّا باعث الرّسل
ومن تأمّل هذه البداية وتمكّنها ومناسبة هذه الأقسام [للبيت][٢] رأى قدر التّفاوت فيما بين هذا النّظم والّذي قبله.
أمّا تمكّنها : فلأنّه لمّا جرت عادة الشّعراء بالافتتاح بالتغزّل ، وطّأ بالافتتاح بغيره ، بما ذكر من [أنّ][٣] الوقت الّلائق به التّغزّل هو عصر الشّباب ، وأنّ اللّائق بعصر الشّيب هو ذكر الله والإقبال على الحمد له ، وأحسن الاستعارة في ذكر الولاية والعزل ؛ ولمّا رأى أنّ البيت متضمن لمعنيين : حمد الله تعالى ، ومدح رسوله 6 ، وطّأ لهما معا في القسم الّذي