قلنا : هذا الفناء
هل هو على سبيل الحلول أو الاتّحاد أو الاستحالة والانقلاب؟ ولعمر العلم أنّ هذا
الفناء وقول اللفظ : أنا المعنى أشدّ خفاء من قول غلاة الصوفية : أنا ...
والظاهر أنّ هذا
مأخوذ من شطح علماء المعقول ، وجعلهم للشيء أنحاء من الوجود ، منها : الوجود
اللفظي. ولذا قلت في رسالة الوضع والاستعمال : إنّه أخذ من كتب المعقول ووضع في
غير موضعه من كتب الأصول.
وأنت جدّ بصير
بأنّ هذا إن تمّ هناك وسلم من الإيراد ، فهو في واد ونحن في واد.
وأمّا سراية القبح
والحسن إلى اللفظ ، وهو في الخفاء كسابقه أو أشدّ خفاء منه ، إذ لا نعقل له قبحا
إلاّ بما يرجع إلى نفسه من الغرابة والتعقيد ونحوهما.
ولعلّ السبب في
هذا الوهم ما يرى من قبح تكلّم أرباب المروّات بالألفاظ الموضوعة للأشياء القبيحة
، وقبح التلفّظ بها عندهم. وليس ذلك إلاّ لقبح إحضار تلك المعاني في ذهن المخاطب
وكونه مخالفا للآداب المرعيّة.
فالقبح للتلفّظ لا
للّفظ كما خلط عليهم ، ولذا يتوصّلون إلى دفعه بذكر أحد لوازمه أو أسبابه ليكون
المخاطب هو الّذي يلتفت إليه ويسلم المتكلّم من قبح التلفّظ ، فهو يفهمه شيئا ليفهم
شيئا آخر ويلتفت من نفسه إليه.
ولمّا سأله عن جمع
( المسواك ) قال : ضدّ محاسنك ، تراه ألقى إليه أحسن