والضابط : كلّ
إقدام لا يؤمن فيه الوقوع في الحرام المنجّز ، فمن ارتكب أحد أطراف العلم الإجمالي
يكون متجريا ، مردّدا أمره بحسب الواقع بين التجري الاصطلاحي والحرام الواقعي ،
وكذلك الحال في الإقدام مع الشك وصاحبيه في مورد يجب فيه الاحتياط ، والحكم في
الجميع ما سمعته ، ولكنه يختلف شدّة وضعفا مع اتّحاد المتجرّى به دائما ، فالتجري
مع الشك أقوى منه مع الاحتمال ، وأضعف من الظن ، ولكنه يختلف إذا قست المحرمات
بعضها ببعض ، فالتجري بالإقدام الاحتمالي على قتل المؤمن أشدّ من الإقدام الظني
على قتل حيوان محترم ، وهو بالإقدام مع الشك على وطء المحصنة أشدّ من الإقدام على
وطء الحليلة الحائض ظنّا ، والوجه فيه ظاهر على نحو الكليّة وإن كان الحكم في كثير
من جزئيات الموارد لا يظهر إلاّ للضليع في الفن ، الخبير بمصالح الأحكام ، ومن لك
بمثله كله؟
( الانقياد )
وقد عرفت أنه
إتيان غير المأمور به مع القطع بأنه مأمور به ، فهو عكس التجرّي ، ويظهر الحكم في
أقسامه ممّا سمعته ، وقد دلّ السمع ـ موافقا لحكم العقل ـ على ترتّب الثواب عليه ،
كما يظهر من بعض أخبار النيّة وغيره ، بل ودلّ عليه بمعناه الأعم ، كقوله تعالى : ( وَمَنْ
يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ )[١] الآية ، إلى غير ذلك ممّا ورد في ظواهر الكتاب والسنّة في
موارد مختلفة.
( القسمان
الأخيران )
أما الأول منهما ،
أعني إتيان الحرام مع القطع بأنه حرام آخر ، فله أقسام