نعم من [١] أنكر حكم العقل به حتى في المعصية ، وجعل المصحّح للعقاب جعل الوعيد على
الحرام ، فهو في سعة منه ، إذ الوعيد مجعول على شرب الخمر لا على الماء.
هذا ، ولا يذهب
عنك أنّ الّذي يحكم به العقل هو استحقاق العقاب في الجملة ، لا خصوص العقاب
المقرّر لما قطع به ، فلا يلزمنا القول باستحقاق العقاب على التجري تعيين خصوص
العقاب المقرّر لشرب الخمر مثلا ، فمن الممكن أن لا يعاقب عقاب شرب الخمر في
الآخرة ، كما لا يحدّ حدّ شربها في الدنيا ، والعقل بمعزل عن تعيين نوع العقاب
ومقداره في المعصية الواقعيّة ، فضلا عن غيرها ، وهو فيهما تابع للجعل ، ولكن لا
شك في كونه تابعا لها في الشدّة والضعف ، فالتجرّي على الزنا بالمرأة الخليّة أشدّ
من التجرّي بالقبلة ، وأضعف من التجرّي على الزنا بالمحصنة.
يظهر من العلاّمة
ـ العمّ ـ التفصيل في التجرّي بين القطع بحرمة شيء غير واجب واقعا ، وبين القطع
بحرمة واجب غير مشروط بقصد القربة ، فرجّح العقاب في الأول ، ونفى البعد عن عدمه
في الثاني مطلقا ، أو في بعض الموارد نظرا إلى معارضة الجهة الواقعية للجهة
الظاهرية ، لأنّ قبح التجرّي ليس ذاتيا ، بل هو بالوجوه والاعتبار [٢].
[١] [ وهو ] الأستاذ
صاحب تشريح الأصول رحمه الله. ( منه ).