وأما القول الثالث
وهو الجواز عقلا والامتناع عرفا ، فقد رموه بالضعف.
قال في الكفاية ما
لفظه : « لا سبيل للعرف في الحكم بالجواز أو الامتناع إلاّ طريق العقل ، فلا معنى
لهذا التفصيل ـ إلى أن قال ـ وقد عرفت أنّ النزاع ليس في خصوص مدلول صيغة الأمر
والنهي بل في الأعمّ فلا مجال لأن يتوهّم أنّ العرف هو المحكّم في تعيين المداليل
» [١]. ومثله أو ما يقاربه كلام غيره ، ولا ثمرة في نقلها.
ولزعمهم أنّ هذا
القول في غاية الضعف تبرعوا في التوجيه ، فقد قال في الكفاية ما سمعت.
وقال الفاضل
المقرّر : « لعلّ الوجه فيه أنّه جمع بين دليل المجوّز من عدم اجتماع الضدّين في
محلّ واحد ، وبين ما يظهر في العرف من فهم التعارض بين الأمر والنهي في مورد
الاجتماع » [٢].
ثم أورد على هذا
الوجه بكلام طويل ، ومن ألفاظه في خلاله : « أنّ العرف لا حكومة له في قبال العقل
، بل العرف مرتبة من مراتبه وطور من أطواره ، ولا يعقل اختلاف حكمي العقل والعرف
في موضوع واحد ، مع أنّ العرف هم العقلاء » [٣].
وعندي توجيه هذا
التوجيه أصعب من توجيه أصل القول ، والجمع بين هذا الإصرار على عدم إمكان الاختلاف
بين العقل والعرف وبين ما هو المعلوم