أهلها لم تكن
عربيّة ، وما أرسل الله رسولا إلاّ بلسان قومه [١] ، وهذه لغات
عربية قطعا ، ومرادفاتها في تلك اللغات معروفة ، وما هي إلاّ كسائر ألفاظ الآية
التي نقلت معانيها بألفاظ العرب.
ولكن هذا الكلام ـ
فيما أرى ـ مقتطع أصلا ودليلا من كلام صاحب الفصول ، ولو أنّ هذا الأستاذ كان نقله
بجملته لم يتّجه عليه هذا الاعتراض ، وكان قد برئ من عهدته ، وهاك كلام الفصول
بنصّه ، قال :
« فالذي يقوى عندي
، أنّ جملة من تلك الألفاظ قد كانت حقائق في معانيها الشرعية في الشرائع السابقة
كالصلاة ، والصوم ، والزكاة ، والحج » [٢].
ثم قال بعد ذكر
الآيات المتقدمة : « وإذا ثبت أنّ هذه الماهيّات كانت مقررة في الشرائع السابقة
ثبت كون هذه الألفاظ حقيقة فيها في لغة العرب في الزمن السابق لتديّنهم بتلك
الأديان ، وتداول ألفاظها بينهم ، وعدم نقل لفظ آخر عنهم بإزائها ، ولو كان لقضت
العادة بنقله ، ولا يقدح وقوع الاختلاف في ماهياتها بحسب اختلاف الشرائع ـ إلى أن
قال ـ فيكون الاختلاف في المصاديق لا في نفس المفهوم ، كاختلاف مصاديق مهيّاتها
المعتبرة في شرعنا باختلاف الأحوال تمكنا وعجزا ، تذكّرا ونسيانا ، وغير ذلك ،
فكما لا يوجب هذا الاختلاف تعدّد الوضع مع تفاحشه في البعض كالصلاة ، فليكن
الاختلاف المذكور كذلك » [٣] انتهى.
فتراه ـ طاب ثراه
ـ قد سدّ طريق هذا الاعتراض بقوله : « لتديّنهم بتلك الأديان » إلى آخره.
نعم في كلامه
اختلال من جهة أخرى ، وهي أنّ الظاهر من آخر كلامه أنّ هذه الألفاظ بأعيانها كانت
موضوعة لتلك الماهيّات في تلك اللغات حيث قال