اللهم إلاّ في
ألفاظ نبويّة قد وردت من طرقهم ، وعلم نقلهم لها بألفاظها.
إذا عرفت ذلك كلّه
، فاعلم أنهم قد اختلفوا في استعمال الشارع لهذه الألفاظ ، فقال قوم : إنه استعمال
حقيقي لأنه وضعه لهذه المعاني ، وقال آخرون : إنه مجاز ، وفصّل آخر بين ألفاظ
العبادات والمعاملات ، فأثبتها في العبادات ، ونفاها في المعاملات.
ونقل عن الباقلاني
إنكار استعماله في غير معانيها اللغوية ، وأنّ الزيادات شروط للصحة أو القبول [١].
ورماه القوم
بالضعف والوهن بقوس واحدة ، وليس عندي بذلك البعد ، بل هو الحقّ في الجملة [٢] لما ستعرف.
والواجب أولا ،
معرفة ما لهذه الألفاظ المتداولة بين الفقهاء من الأقسام ليظهر الحال في كلّ منها
، إذ منها ما نعلم بأنها اصطلاحات علميّة لم تحدث إلاّ بعد تدوين علم الفقه ، وذلك
بعد عصره صلّى الله عليه وآله بل وعصر التابعين ، كلفظ طبقات الإرث ومناسخاته ،
فما كان من هذا القبيل فسبيله سبيل سائر الاصطلاحات المتداولة في سائر العلوم ،
وهو عن هذا النزاع بمراحل [٣].
ومنها ألفاظ لمعان
معروفة يعلم استعمال الشارع لها ، ولكن لا على سبيل النقل والوضع ، بل على سبيل
متابعة اللغة وإن جعل لها حدودا وزادها موانع وشروطا ، وهذا لا يلزم وضعا جديدا ،
كما يظهر بالتأمل ، وذلك كالنكاح ، والطلاق ، والظهار ، والعتق ، وهذا القسم كثير
جدّاً ، بل منه ـ فيما أرى ـ الشطر الأكثر ،
[٣] أي بعيد عن محل
النزاع بمسافة كثيرة ، إذ الكلام في الألفاظ الواردة في كلام الشارع ، لا الألفاظ
والمعاني التي حدثت بعده صلّى الله عليه وآله ، بل بعد عصر التابعين ، وحاصله :
أنّ النزاع في الحقيقة الشرعية لا المتشرعة. ( مجد الدين )