الحجة التعبدية على عدم استحبابه، إذ لا منافاة بين ما قامت الحجة غير العلمية على عدم استحبابه و بين ترتب الثواب عليه لأجل البلوغ الصادق مع الاحتمال المقوم للانقياد. و أما بناء على دلالة أخبار «من بلغ» على حجية الخبر الضعيف في المستحبات، فان كان البلوغ جهة تقييدية، فلا تعارض بين أخبار «من بلغ» و بين مدلول الخبر الصحيح، لأن مقتضى الطريقية دلالة الخبر الصحيح على عدم استحباب العمل ذاتا، و هو يجتمع مع استحبابه بعنوان بلوغ الثواب عليه المترتب على الاحتمال. و ان كان البلوغ جهة تعليلية وقع التعارض بينهما، حيث ان ذات العمل مستحب بمقتضى أخبار «من بلغ» و غير مستحب بمقتضى الخبر الصحيح، لأن كلاّ من الخبرين ينفي احتمال خلافه الموجود في الآخر فالخبر الضعيف المثبت للاستحباب ينفي احتمال خلافه، كما أن الخبر المعتبر ينفي احتمال الاستحباب. و كذا الحال فيما إذا كان مفاد أخبار «من بلغ» استحباب العمل، فانه يجري فيه الوجهان المبنيان على الجهة التقييدية و التعليلية. هذا إذا لو حظت أخبار «من بلغ» مع مدلول الخبر الصحيح. و أما إذا لوحظت مع أدلة حجية الخبر الصحيح، فالظاهر عدم التعارض بينهما، إذ دليل حجية الخبر الصحيح على الطريقية ينزل المؤدى منزلة الواقع، و يلغي احتمال خلافه و هو الاستحباب، حيث انه المحتمل المخالف لمضمونه، و أخبار «من بلغ» تثبت حجية الخبر الضعيف الّذي مدلوله استحباب العمل بعنوان البلوغ، فلا منافاة بين ثبوت الاستحباب له بهذا العنوان و بين نفيه عنه بعنوانه الأوّلي.