كيف [1] لا يكون قوله: «قف عند الشبهة، فان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة» للإرشاد [2]؟ مع أن المهلكة ظاهرة [ظاهر]
[1] هذه قرينة أخرى على الإرشاد، و تختص بأخبار الوقوف المعلّلة، و توضيحها: أن المراد بالهلكة ما يرجع إلى المكلف في الآخرة و هو العقوبة، و مقتضى التعليل بقوله: «فان الوقوف» كون الهلكة ثابتة قبل إيجاب الاحتياط، لأن الهلكة في هذه الاخبار موضوع للحكم بوجوب التوقف، و من المعلوم تقدم الموضوع على الحكم، لأنه كالعلة له، فلا بد أن تكون العقوبة مفروضة الوجود قبل الأمر بالتوقف حتى يكون إيجابه لأجل التحرز عنها، و من الواضح أن هذه الهلكة ليست على مخالفة الإلزام الواقعي المجهول، لقضاء قاعدة قبح العقاب بلا بيان بقبحها، فلا بد أن تكون على التكليف المنجز بغير الأمر بالتوقف، و إلاّ لزم الدور - كما سيأتي - و حينئذ فيختص الأمر بالتوقف بالشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي، و الشبهة البدوية قبل الفحص، و يكون الأمر بالاحتياط إرشادا إلى حكم العقل بوجوبه، لتنجز الواقع بالعلم الإجمالي و لا مساس له بالشبهة البدوية بعد الفح ص. نعم إذا كان أمر الاحتياط نفسيا لا إرشادا إلى التحفظ على الأحكام الواقعية ترتب استحقاق العقوبة على مخالفته، لكن لازمه أجنبية التعليل عن المعلل، لعدم كون التوقف في الشبهة البدوية بعد الفحص معلولا للعقوبة الواقعية، بل واجبا مستقلا مستتبعا للمؤاخذة على مخالفة نفسه، مع أن ظاهر التعليل بقوله عليه السلام: «فان الوقوف عند الشبهة...» هو التحرز عن عقوبة التكليف الواقعي المجهول، و قد عرفت أن لازم ذلك وجود الهلكة قبل الأمر بالاحتياط حتى يحسن الإرشاد إليه بالأمر بالتوقف.