أن المراد بالنهي عن الشيء النهي عنه بعنوانه الخاصّ يعني بعنوانه الأولي لا بعنوان أنه مشتبه الحكم. و عليه فمعنى الحديث: أن كل شيء مشتبه الحكم مباح ظاهرا ما لم يصل إلى المكلف نهي عن ذلك الشيء بخصوصه، فشرب التتن المشتبه حكمه مطلق أي مباح لا مؤاخذة عليه ظاهرا ما لم يصل إلى المكلف نهي عنه بخصوصه و عنوانه مثل «لا تشرب التتن» فيتم الاستدلال به على البراءة، و حينئذ فإذا كان مفاد دليل الاحتياط - بناء على كونه مولويا لا إرشاديا - هو النهي عن ارتكاب المشتبه وقعت المعارضة بينه و بين هذا الحديث كالمعارضة بينه و بين حديث «كل شيء لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه» هذا. و قد ناقش المصنف (قده) في هذا الاستظهار هنا و في حاشية الرسائل، لا من جهة صدق ورود النهي بورود أدلة الاحتياط الناهية عن ارتكاب المشتبه حتى تكون أدلته مقدمة على هذا الحديث لا معارضة له، بل من جهة الإشكال في مبنى الاستدلال و هو كون ورود النهي بمعنى وصوله إلى المكلف المساوق لعلمه به، توضيح ذلك: أن الورود يصدق على الصدور المقابل للسكوت أيضا، ابن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللَّه عنه عن سعد بن عبد اللَّه: أنه كان يقول: لا يجوز الدعاء في القنوت بالفارسية، و كان محمد بن الحسن الصفار يقول: انه يجوز. و الّذي أقول به: انه يجوز، لقول أبي جعفر عليه السلام: لا بأس أن يتكلم الرّجل في صلاة الفريضة بكل شيء يناجي به ربه عز و جل و لو لم يرد هذا الخبر لكنت أجيزه بالخبر الّذي روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي، و النهي عن الدعاء بالفارسية في الصلاة غير موجود، و الحمد للَّه رب العالمين»«».