الآية المتقدمة عليها الواردة في حكم إنفاق الآباء على أزواجهم أيام الحمل و دفع الأجرة على الرضاع - على أنه يجب على الوالد دفع أجرة المثل إلى المرضعة، و من المعلوم أن هذا المدلول أجنبي بالمرة عن البراءة. و يحتمل أيضا إرادة فعل المكلف من الموصول و الإقدار من الإيتاء، و مفاد الآية حينئذ نفي التكليف بغير المقدور كما استظهره أمين الإسلام في المجمع بقوله: «و في هذا دلالة على أنه سبحانه لا يكلف أحدا ما لا يقدر عليه و ما لا يطيقه» و جعل شيخنا الأعظم هذا الاحتمال أظهر و أشمل. و مع تسليم عدم أظهريته و عدم ظهورها في نفي التكليف بغير المقدور فمن المقطوع به أنها غير ظاهرة في الاحتمال الأول حتى تدل على البراءة. و منها: قوله تعالى: «لا يكلف اللَّه نفسا إلاّ وسعها»«»بتقريب: أن إطاعة الحكم المجهول خارجة عن وسع المكلف في نظر عامة الناس. و أنت خبير بأن ظاهر الآية نفي التكليف بغير المقدور، و من المعلوم أن هذا المضمون أجنبي عن البراءة، إذ ليس الاحتياط بترك ما يحتمل التحريم من التكليف بغير المقدور، إذ لو كان منه لم يقع النزاع بين الاخباري و الأصولي في مسألة البراءة، لأن عدم صحة التكليف بغير المقدور من الأمور المسلمة بينهم. و منها: قوله تعالى: «ليهلك من هلك عن بينة و يحيى من حي عن بينة»«»قال في الأوثق: «و المعنى: ليهلك من ضلّ بعد قيام الحجة عليه فتكون حياة الكافر و بقاؤه هلاكا له، و يحيى من اهتدى بعد قيام الحجة عليه، فيكون بقاء