بالإشارة إلى أمور واضحة. الأول: أنّ الأحكام تابعة للملاكات سعة و ضيقا. الثاني: أنّ الملاكات من الأمور الخارجية التي هي غير مجعولة شرعا. الثالث: أنّه إذا كان لشيء مقدّمات عديدة، فلا محالة يتوقّف وجوده على وجود جميعها، و ينعدم بانعدام واحدة منها، فكلّ مقدّمة تحفظ وجود ذيها من ناحيتها، و تسدّ بابا من أبواب عدمه، فملاك وجوب المقدّمة هو القدرة على إيجاد ذيها. إذا عرفت هذه الأمور تعرف: أنّه لا فرق في المقدّمة الواجبة بين ما يترتّب عليه الواجب، و بين ما لا يترتّب عليه، إذ الغرض من المقدّمة الداعي إلى إيجابها هو الاقتدار على فعل ذي المقدّمة، و من المعلوم: حصوله بإيجاد المقدّمة سواء أتى بذيها أم لا، و قد عرفت تبعيّة الحكم للملاك سعة و ضيقا.
و ما لم يقصد، كاشتراكه بين المقدّمة الموصلة و بين غيرها. و منها: استلزام وجوب المقدّمة الموصلة وجوب مطلقها، لأنّ الأمر بالمقيّد بقيد خارجي مستلزم للأمر بذات المقيّد. و هذا كما ترى أيضا، فإنّه جعل وجوب مطلق المقدّمة معلولا لكون الأمر بالمقيّد بقيد خارجيّ مستلزما للأمر بذات المقيّد، و هذه العلّة بعينها جارية في قيد قصد التوصّل، إذ لا فرق في القيد المستلزم لذلك بين كونه ترتّب ذي المقدّمة، و بين كونه التوصّل إليه، و هذا واضح. و منها: شهادة الوجدان بسقوط الطلب بمجرّد وجود المقدّمة من غير انتظار ترتّب ذيها عليها في وجوبها، و هذا كاشف عن أنّ المطلوب هو ذاتها بما هي بلا دخل لترتّب ذيها عليها في وجوبها. و هذا أيضا كما ترى، فإنّه معترف بأنّ المناط في سقوط الطلب هو وجود المقدّمة بما هي، و معنى ذلك: عدم دخل شيء آخر فيه على نحو السالبة الكلّية، فتشمل جميع ما يحتمل دخله فيه من القيود الّتي منها قصد التوصّل كما شملت قيد الترتّب.