هذا كلّه حال أوّل الأمور المتقدّمة، و قد مرّ بطلان الأمر الثاني- أي وجوب المقدّمة- في محلّه.
و أمّا ثالثها:- أي اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن نقيضه- فللمنع فيه مجال: أمّا مع بقاء البحث على ظاهره فواضح، لأنّ البعث لا يكون عين الزجر و لا متضمّنا له.
و أمّا كون النهي عن النقيض لازما للأمر، كما قد يقال: إنّ نفس تصوّر الوجوب و الإلزام يكفي في تصوّر النهي عن الترك و الحرمة [1].
ففيه: أنّه إن أريد الانتقال التصوّري فمع ممنوعيّته لا يفيد، و إن أريد اللزوم الواقعي، بأن يدّعى أنّ المولى إذا أمر بشيء فلازمه أن ينهى عن نقيضه، فهو واضح الفساد، ضرورة أنّ الصادر من المولى ليس إلاّ الأمر.
و مع عدم بقاء البحث على ظاهره، بأن يقال: إنّ الإرادة المتعلّقة بشيء مستلزمة للإرادة المتعلّقة بترك تركه، فإن أريد العينيّة و التضمّن فهو- أيضا- واضح الفساد، ضرورة أنّ ترك الترك ليس عين الشيء بالحمل الأوّليّ، و لا جزءه المقوّم له، و انطباقه عليه في الخارج- مع فساده في نفسه- لا يفيد.
و أمّا الاستلزام بالمعنى الّذي قيل في باب المقدّمة [2]، بأنّه إذا تعلّقت إرادة تشريعيّة بشيء، فمع الالتفات إلى تركه تتعلّق إرادة تشريعيّة بتركه، فهو