و أنت خبير: بأنّ موضوع باب التعارض هو الخبران المختلفان، و المناط في الاختلاف هو الفهم العرفيّ، و الجمع هناك عرفيّ لا عقليّ، بخلافه هاهنا، فإنّ المسألة عقليّة صرفة، فلا ربط بين البابين رأسا.
فما ادّعى من المناط غير تامّ طردا و عكسا، لأنّ الخبرين إذا كانا مختلفين عرفا، و لم يكن بينهما جمع عرفيّ، يندرجان تحت أخبار التعارض، و لا بدّ من [إعمال] التعارض بينهما مطلقا، و الجمع العقليّ في باب الاجتماع ليس من وجوه الجمع في باب التعارض.
و السرّ فيه: أنّ رحى باب التعارض تدور على العمل بالأخبار الواردة فيه، و موضوعها مأخوذ من العرف، كموضوع سائر ما ورد في الكتاب و السنّة، فكلّما يحكم العرف باختلاف الخبرين و تعارضهما يعمل بالمرجّحات، و كلّما يحكم بعدمه لأجل الجمع العرفيّ أو عدم التناسب بين الدليلين لم يكن من بابه، فقوله: «صلّ» و «لا تغصب» غير متعارضين عرفا، لأنّ الحكم على العنوانين، و هما غير مرتبطين، فليس بينهما اختلاف عرفا و لو لم نحرز المناطين، كما أنّ قوله: «أكرم كلّ عالم» معارض عرفا- في الجملة- لقوله:
«لا تكرم الفسّاق»، بناء على كون العامّين من وجه من وجوه التعارض، لأنّهما يدلاّن على إكرام الجمع و عدم إكرامه، لأنّ الحكم فيهما على الأفراد، و ليس بينهما جمع عرفيّ، و لو فرض حصول المناطين في مورد الاجتماع و قلنا بجواز الاجتماع حتّى في مثله.
و بالجملة: الجمع و التعارض في باب تعارض الأدلّة عرفيّان لا عقليّان،